للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال الألوسي في تقديمه لسورة القصص]

(مكية كلها على ما روي عن الحسن. وعطاء وطاوس. وعكرمة، وقال مقاتل:

فيها من المدني قوله تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ إلى قوله تعالى: لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ فقد أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنها نزلت هي وآخر الحديد في أصحاب النجاشي الذين قدموا وشهدوا واقعة أحد، وفي رواية عنه رضي الله تعالى عنه أن الآية المذكورة نزلت بالجحفة في خروجه عليه الصلاة والسلام للهجرة، وقيل: نزلت بين مكة والجحفة، وقال المدائني في كتاب العدد عن يحيى بن سلام قال بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر نزل عليه جبريل عليه الصلاة والسلام بالجحفة وهو متوجه من مكة إلى المدينة فقال: أتشتاق يا محمد إلى بلدك التي ولدت فيها؟ قال: نعم قال إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ الآية وهي ثمان وثمانون آية بالاتفاق، ووجه مناسبتها لما قبلها اشتمالها على شرح بعض ما أجمل فيه من أمر موسى عليه السلام. قال الجلال السيوطي: إنه سبحانه لما حكى في الشعراء قول فرعون لموسى عليه السلام: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ* وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ إلى قول موسى عليه السلام فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ. ثم حكى سبحانه في (طس) قول موسى عليه السلام لأهله إِنِّي آنَسْتُ ناراً إلى آخره الذي هو في الوقوع بعد الفرار، وكان الأمران على سبيل الإشارة والإجمال، فبسط جل وعلا في هذه السورة ما أوجزه سبحانه في السورتين، وفصل تعالى شأنه ما أجمله فيهما على حسب ترتيبهما، فبدأ عزّ وجل بشرح تربية فرعون له مصدرا بسبب ذلك من علو فرعون، وذبح أبناء بني إسرائيل الموجب لإلقاء موسى عليه السلام عند ولادته في اليم خوفا عليه من الذبح، وبسط القصة في تربيته، وما وقع فيها إلى كبره، إلى السبب الذي من أجله قتل القبطي، إلى قتل القبطي وهي الفعلة التي فعل، إلى النم عليه بذلك الموجب لفراره إلى مدين، إلى ما وقع له مع شعيب عليه السلام، تزوجه بابنته، إلى أن سار بأهله، وآنس من جانب الطور نارا، فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا، إلى ما وقع له فيها من المناجاة لربه جل جلاله، وبعثه تعالى إياه رسولا وما استتبع ذلك إلى آخر القصة، فكانت هذه السورة شارحة لما أجمل في السورتين معا على الترتيب، وبذلك عرف وجه الحكمة من تقديم (طس) على هذه، وتأخيرها عن الشعراء في الذكر في المصحف، وكذا في النزول، فقد روي عن ابن عباس. وجابر بن زيد: أن الشعراء نزلت، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>