للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ أي ولما وصل إلى مدين وورد ماءها، وكان لها بئر يرده رعاء الشاء وَجَدَ عَلَيْهِ أي جانب البئر أُمَّةً أي جماعة مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ أي مواشيهم وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ أي في مكان أسفل من مكانهم، أو في مكان أبعد من مكانهم امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ أي تكفكفان غنمهما لكيلا ترد مع غنم أولئك الرعاء لئلا يؤذيا قالَ ما خَطْبُكُما أي ما شأنكما أي ما خبركما لا تردان مع هؤلاء قالَتا لا نَسْقِي غنمنا حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ أي لا يحصل لنا سقي إلا بعد فراغ هؤلاء وَأَبُونا شَيْخٌ لا يمكنه سقي الأغنام كَبِيرٌ أي في السن لا يقدر على رعي الغنم أي فهذا الحال الملجئ لنا إلى ما ترى

فَسَقى لَهُما غنمهما رغبة في المعروف وإغاثة للملهوف ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ أي إلى ظل شجرة. قال النسفي: وفيه دليل جواز الاستراحة في الدنيا بخلاف ما يقوله بعض المتقشفة فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ أي إني فقير لأي شئ قليل أو كثير، غث أو سمين تبعثه إلي من خير، وكان قد بلغ به الجهد أشده لأنه لم يكن لديه شئ إذ خرج من مصر، فكان قوته في رحلته ما يجده. قال النسفي: ولما طال عليه البلاء أنس بالشكوى إذ لا نقص في الشكوى إلى المولى

فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ أي مستحيية. قال النسفي: (وهذا دليل كمال إيمانها وشرف عنصرها لأنها كانت تدعوه إلى ضيافتها ولم تعلم أيجيبها أم لا، فأتته مستحيية، قد استترت بكم درعها، وما في (ما سقيت) مصدرية أي جزاء سقيك روي أنهما لما رجعتا إلى أبيهما قبل الناس وأغنامهما حفل قال لهما: ما أعجلكما قالتا وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا، فقال لإحداهما اذهبي فادعيه لي فتبعها موسى عليه السلام فألزقت الريح ثوبها بجسدها فوصفته فقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق) قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا أي ليثيبك ويكافئك على سقيك لغنمنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ أي ذكر له ما كان من أمره وما جرى له من السبب الذي خرج من أجله من بلده قالَ له لا تَخَفْ

<<  <  ج: ص:  >  >>