للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبي معيط، وحنظلة بن وائل، وأنظارهم من صناديد قريش، وفي البحر أن الآية- وإن نزلت على سبب- فهي تعم جميع من يعمل السيئات من كافر ومسلم).

[فوائد]

١ - [مقدمة السورة تبيان لمدى صدق العبد من كذبه في أوقات الرخاء والبلاء]

بمناسبة الآيات السابقة قال النّسفي: (قال ابن عطاء: يتبيّن صدق العبد من كذبه في أوقات الرخاء والبلاء، فمن شكر في أيام الرّخاء، وصبر في أيام البلاء، فهو من الصادقين، ومن بطر في أيام الرخاء، وجزع في أيام البلاء فهو من الكاذبين)

٢ - [كلام الألوسي عند قوله تعالى أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا .. ]

وعند قوله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ قال الألوسي:

(والمراد إنكار حسبانهم أن يتركوا غير مفتونين بمجرد أن يقولوا آمنا، واستبعاد له، وتحقيق أنه تعالى يمتحنهم بمشاق التكاليف، كالمهاجرة، والمجاهدة، ورفض الشهوات، ووظائف الطاعات، وفنون المصائب في الأنفس والأموال، ليتميز المخلص من المنافق، والراسخ في الدين من المتزلزل فيه؛ فيعامل كلّ بما يقتضيه، ويجازيهم سبحانه بحسب مراتب أعمالهم، فإن مجرد الإيمان- وإن كان عن خلوص- لا يقتضي غير الخلاص من الخلود في النار.

وذكر بعضهم أنه سبحانه لو أثاب المؤمن يوم القيامة من غير أن يفتنه في الدنيا لقال الكافر المعذّب: ربي لو أنك كنت فتنته في الدنيا لكفر مثلي فإيمانه الذي تثيبه عليه مما لا يستحق الثواب له فبالفتنة يلجم الكافر عن مثل هذا القول، ويعوّض المؤمن بدلها ما يعوّض، بحيث يتمنى لو كانت فتنته أعظم مما كانت، والآية على ما أخرج عبد ابن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الشعبي نزلت في أناس كانوا بمكة قد أقروا بالإسلام، فكتب إليهم أصحاب رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم من المدينة لما نزلت آية الهجرة، أنه لا يقبل منكم إقرار ولا إسلام حتى تهاجروا، فخرجوا عامدين إلى المدينة، فاتبعهم المشركون فردوهم، فنزلت فيهم هذه الآية، فكتبوا إليهم أنزلت فيكم آية كذا وكذا فقالوا: نخرج فإن اتبعنا أحد قاتلناه، فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل، ومنهم من نجا، فأنزل الله تعالى فيهم ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. (النحل: ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>