للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو مقدمة سورة البقرة، وقلنا: إنّ كلّا من هذه السور تفصّل في المقدمة تفصيلا، يكمّل بعضه بعضا. وقلنا: إنّ سورة العنكبوت فصّلت في موضوع الإيمان بالغيب وآثاره، وموضوع الإيمان بالكتاب، ولم تتوسّع في موضوع الإيمان باليوم الآخر، وهاهنا نلاحظ أنّ السياق الرئيسي لسورة الروم يكاد يكون منصبّا على موضوع اليوم الآخر.

فالآية (٧) تقول: يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ والآية (١٢) تقول: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ والآية (١٤) تقول: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ. والآية (٥٥) تقول: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ.

وتتحدث السورة عن الله عزّ وجل بما يذكّر بالآخرة:

فالآية (١١) تقول: اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

والآية (٢٧) تقول: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

والآية (٤٠) تقول: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ.

والآية (٥٠) تقول: فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

ولاحظ الآن هذه الملاحظة: وهي أن الآيات التي وصفت المتقين من سورة البقرة قالت في جملة ما قالت: وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ.

وهذه آخر آية في سورة الروم تقول:

وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ. لاحظ كلمة (يوقنون) في المكانين.

....

فالسورة تكمّل سورة العنكبوت وتفصّل بشكل أخص من مقدمة سورة البقرة ما لم تتوسع فيه سورة العنكبوت في تفصيلها لهذه المقدمة.

....

<<  <  ج: ص:  >  >>