للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمارتها، وبين ثمود وعاد، فإن التفاضل قائم، وهذا أضيق ما يفهم به النص، وفي عصرنا حيث عرفنا من آثار الأقدمين الكثير، نجد أن النص ينطبق على الحياة البشرية كلها، فمن رأى سدّ الصين والأهرامات، وآثار النوبة، وبقايا آثار الرومان، وشبكة المياه الجوفية في بلاد الشام، وعرف أن هناك مناطق- هي الآن قاحلة- كانت من أخصب بقاع الدنيا، عرف أن إثارة الماضين للأرض، وعمارتهم لها، كانت أكثر، وهذا شئ وموضوع التقدّم الصناعي شئ آخر ...

٣ - [بعض المظاهر الدالة على إحاطة علم الله وإلهية المصدر القرآني]

إنّ من مظاهر الإعجاز في القرآن أنك لا تجد فيه أثرا للضعف البشري، وأنّك تحس أنّ صاحب هذا الكلام محيط علما بكلّ شئ، وأنّ كثيرا من الأمور ما كانت لتكون فيه لولا أنّه من عند الله، فلو أنّ هذا القرآن من عند محمّد صلّى الله عليه وسلم- كما يزعم الكافرون- لما وجد فيه مثل هذا الإخبار عن مستقبل الصراع بين فارس والرّوم، إنّ محمّدا صلّى الله عليه وسلم- وهو أعقل خلق الله- ما كان ليعرض نفسه ودعوته لامتحان لولا أنّ الأمر ربانيّ المصدر، والذين يشتغلون في قضايا البيان يعرفون الحدود التي يمكن أن تنطلق فيها آفاق الإنسان، فكتاب يتحدّث عن البحث عن نشأة الحياة:

قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ويتحدث عن القدماء بحق وصدق كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها ويتحدّث عن الكليّات، كما يتحدّث عن الجزئيات، لا يمكن أن يكون أثرا عن الجزيرة العربية أبدا، في أيّ منطق عاقل.

ادرس الإنتاج البشري المعاصر فكم من إنسان ينطلق في عصرنا للحديث عن الكليات الكبرى؟ وإذا وجدت بعض من يتكلم، فما هي حدود كلامه، وفي أي جانب؟

أما القرآن الكريم فالأمر فيه مختلف تماما وهذه كذلك بعض مظاهر الإعجاز.

...

كلمة في السياق: [حول صلة المجموعتين الأولى بالثانية]

١ - استدلت المجموعة الأولى من مقدمة سورة الروم بوقوع موعود الله في شأن الروم على وقوع موعوده في شأن الساعة؛ فقدمت السورة بذلك الدليل الأول على اليوم الآخر. إنّ اليوم الآخر قد وعد الله عزّ وجل به، وكل وعد لله لا بدّ من أن

<<  <  ج: ص:  >  >>