للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الطريق دفعات من الهوى والشهوة. هنا يجئ هذا القرآن ليخاطب الفطرة بمنطقها الذي تعرفه؛ ويعرض عليها الحقيقة التي غفلت عنها بالأسلوب الذي تألفه؛ ويقيم على أساس هذه الحقيقة منهاج الحياة كله، مستقيما مع العقيدة، مستقيما مع الفطرة، مستقيما على الطريق إلى الخالق الواحد المدبر الخبير .. ).

[كلمة في سورة لقمان ومحورها]

إن سورة لقمان تفصّل- كزمرتها- في مقدمة سورة البقرة، حتى إن مقدمتها لتكاد تكون نفس الآيات الأولى من مقدمة سورة البقرة، مع تركيز خاص حول الاهتداء بكتاب الله، ومن ثمّ تحدّثنا عن الموقف المقابل والأسباب النفسية لذلك، وإذ تصف الآية الأولى هذا القرآن بالحكمة، وإذ كان في ذلك دعوة لاتّباع كتاب الله، فإنّ الكلام عن حكمة الله، وعن إيتاء الله الحكمة لخلقه، يأخذ حيّزا من السّورة، وكأنه يشير إلى أن مقتضى اتّصاف الله بالحكمة أن يكون كتابه حكيما، وإذ كان كتابه حكيما

فإن ذلك يقتضي من الإنسان اتّباعه.

...

وفي وسط السورة يأتي الكلام عن لقمان، وإيتائه الحكمة، ويعرض الله لنا نماذج من وصاياه الحكيمة، التي تنسجم مع موضوع السورة، ليحدثنا الله بعد ذلك عن نعمه التي تقتضي شكرا، والشكر لا يكون إلا باتّباع كتاب الله، وهكذا من خلال الكلام عن الحكمة والنّعمة، تعمّق السورة موضوع اتّباع الكتاب والشروط اللازمة لهذا الاتّباع، وقصة لقمان في الوسط تأتي لتضئ على ما قبلها وما بعدها، وتأتي لتكون نموذجا لما قبلها وما بعدها. ومن ثم فدورها كبير في السورة، ومع تعميق اتّباع الكتاب من خلال الحكمة والنعمة تختتم السورة بالكلام عن علم الله المحيط، وذلك من خلال ذكر مفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا الله، وفي هذا كذلك دعوة لاتّباع كتاب الله، فإذا كان الله تعالى وحده هو الذي يعلم الغيب فهذا يعني أنّه لا أحكم منه ولا أعلم، ومن ثمّ فلا أحكم من كتابه.

...

إن مقدمة سورة البقرة تتألف من عشرين آية قسم منها في المتقين، وقسم منها في الكافرين، وقسم منها في المنافقين. وكل صفة للمتقين يقابلها صفة للكافرين

<<  <  ج: ص:  >  >>