للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عون عن الحسن: خرج ابن مسعود فاتبعه أناس فقال: والله لو تعلمون ما أغلق عليه بابي ما اتبعني منكم رجلان. وقال حماد بن زيد: كنّا إذا مررنا على المجلس ومعنا أيوب فسلم ردوا ردا شديدا، فكان ذلك نعمة. وقال عبد الرزاق عن معمر: كان أيوب يطيل قميصه فقيل له في ذلك فقال: إن الشهرة فيما مضى كانت في طول القميص، واليوم في تشميره. واصطنع مرة نعلين على حذو نعلي النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فلبسهما أياما، ثم خلعهما وقال: لم أر الناس يلبسونهما، وقال إبراهيم النخعي: لا تلبس من الثياب ما يشهر في ألفتها ولا ما يزدريك السفهاء.

وقال الثوري: كانوا يكرهون من الثياب الجياد التي يشتهر بها ويرفع الناس إليه فيها أبصارهم، والثياب الرديئة: التي يحتقر فيها ويستذل دينه. وحدثنا خالد بن خداش حدثنا حماد عن أبي حسنة صاحب الزيادي قال: كنا عند أبي قلابة إذ دخل عليه رجل عليه أكسية، فقال: إياكم وهذا الحمار النهاق. وقال الحسن رحمه الله: إن قوما جعلوا الكبر في قلوبهم والتواضع في ثيابهم، فصاحب الكساء بكسائه أعجب من صاحب المطرق (١) بمطرقه ما لهم تفاقدوا، وفي بعض الأخبار أن موسى عليه السلام قال لبني إسرائيل: ما لكم تأتوني عليكم ثياب الرهبان وقلوبكم قلوب الذئاب، البسوا ثياب الملوك وألينوا قلوبكم بالخشية.

(فصل في حسن الخلق) قال أبو التياح رضي الله عنه: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا. وعن عطاء عن ابن عمر قيل: يا رسول الله أي المؤمنين

أفضل؟ قال: «أحسنهم خلقا». وعن أنس مرفوعا: «إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجات الآخرة، وشرف المنازل، وإنه لضعيف العبادة، وإنه ليبلغ بسوء خلقه درك جهنم وهو عابد». وعن سيار بن هارون عن حميد عن أنس مرفوعا: «ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة». وعن عائشة مرفوعا: «إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة قائم الليل صائم النهار». وروى ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة رضي الله عنه سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال:

«تقوى الله وحسن الخلق» وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: «الأجوفان:

الفم والفرج». وقال أسامة بن شريك: كنت عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم فجاءته الأعراب من كل مكان فقالوا: يا رسول الله ما خير ما أعطي الإنسان؟ قال: «حسن الخلق».


(١) المطرق: ثوب من خز مربّع.

<<  <  ج: ص:  >  >>