للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فوائد]

١ - [كل شئ في الأرض والسماوات مسخر للإنسان بدليل آية أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ .. (٢٠)]

قال الله عزّ وجلّ: أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وهذا يفيد أنّ كل شئ في السموات والأرض مسخّر للإنسان، فالسّماوات مسخّرة للإنسان إذ يمتّع بها ناظريه، ويتعرف بها على الله عزّ وجل، ويروي من خلال التعرّف عليها ظمأه إلى المعرفة، ثمّ إنّ نظام الكون مرتبط بعضه ببعض بقوانين الجاذبية، وذلك من مظاهر تسخير السموات، وبدون الشمس والقمر تتعذّر الحياة، وذلك من مظاهر التسخير، ومن النجوم تصل إلى الأرض إشعاعات، وبالنجوم يهتدي الإنسان، وكل ذلك نوع تسخير، وفي عصرنا وصل الإنسان إلى القمر، وما ندري ماذا سيكون في المستقبل، فهل سيصل الإنسان إلى كواكب أخرى؟ وما ندري كم سيكون في ذلك من فوائد، وفي ذلك كله نوع تسخير، أما تسخير كل ما في الأرض للإنسان من بحار وتراب، وظاهر وباطن، فهو واضح بأدنى تأمّل.

٢ - [إحدى معجزات القرآن في طريقة التصوير]

ذكرنا في كتابنا (الرسول) في باب المعجزة القرآنية: أن من مظاهر الإعجاز في هذا القرآن أنّك تجد فيه صورا لا يمكن أن تكون وليدة البيئة العربية، أو وليدة الفكر الإنساني، وضربنا على ذلك أمثلة منها قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فليراجع البحث هناك.

٣ - [حول ما أثير من تساؤلات عند الآية إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ .. وتعليق المؤلف]

يثير بعض الناس أسئلة كثيرة حول آية إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ وسبب الأسئلة أنّ الأحاديث النّبوية تذكر أنّ هذه الخمسة لا يعلمها إلا الله، فهم يرون أنّ نزول الغيث قد يعرفه الإنسان قبيل نزوله، وأن هناك إمكانيات لمعرفة ما في الأرحام في بعض شهور الحمل، وبسبب من مثل ذلك يتساءلون.

أقول: إنّ توقّع نزول المطر من خلال الأعراض الجوّية لا يعتبر علما بالغيب، وقد كان العربي منذ القديم يستطيع من خلال حاسّة الشم، أو من خلال الفراسة في الغيوم أن يعرف قضية نزول المطر، وهذا كله من باب العلم بالأسباب، ولا يدخل في الآية. قال النسفي: (وما يدرك بالدليل لا يكون غيبا، على أنّه مجرد الظن والظنّ غير العلم)،

وعلى هذا فكون الإنسان قد عرف شيئا ممّا له علاقة بعالم الأسباب

<<  <  ج: ص:  >  >>