للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ الْحَقَّ أي يقول ما هو حق ظاهره وباطنه وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ أي سبيل الحق

ثم بيّن ما هو الحق في هذه المسألة، فبيّن أن دعاءهم لآبائهم هو أدخل الأمرين في القسط والعدل فقال: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ أي أعدل عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ أي فإن لم تعلموا لهم آباء تنسبونهم إليهم فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ أي فهم إخوانكم في الدين، وأولياؤكم في الدين فقولوا: هذا أخي وهذا مولاي، ويا أخي ويا مولاي، يريد الأخوة في الدين والولاية فيه. قال ابن كثير: (أمر تعالى برد أنساب الأدعياء إلى آبائهم إن عرفوا، فإن لم يعرفوا فهم إخوانهم في الدين ومواليهم، أي عوضا عمّا فاتهم من النسب) وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أي إثم فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ أي لا إثم عليكم فيما فعلتموه من ذلك مخطئين جاهلين قبل ورود النّهي، ولكن

الإثم عليكم فيما تعمّدتموه بعد النهي، أو لا جناح عليكم إذا نسبتم بعضهم إلى غير أبيه خطأ بعد الاجتهاد واستفراغ الوسع، فإنّ الله قد وضع الحرج في الخطأ، ورفع إثمه، وإنما الإثم على من تعمّد الباطل وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً أي لا يؤاخذكم بالخطإ ويقبل توبة المتعمّد، وبمناسبة هذا الحكم يقرر الله عزّ وجل أحكاما أخرى:

النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أي أحق بهم من أنفسهم في كل شئ وحكمه أنفذ عليهم من حكم أنفسهم؛ فعليهم أن يبذلوها دونه ودون ما أوحي إليه، ويجعلوها فداءه، فإذا أمر أمرا أو نهى عن نهي فعليهم أن يسارعوا إلى الطاعة، أو هو أولى بهم بمعنى: أرأف بهم وأعطف عليهم وأنفع لهم. وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ أي في الحرمة والاحترام، والتوقير والإكرام والإعظام. قال ابن كثير:

(ولكن لا تجوز الخلوة بهنّ ولا ينتشر التحريم إلى بناتهنّ وأخواتهنّ بالإجماع). وقال النسفي: وأزواجه أمهاتهم في تحريم نكاحهن، ووجوب تعظيمهن، وهن فيما وراء ذلك كالإرث ونحوه كالأجنبيات، ولهذا لم يتعدّ التحريم إلى بناتهن وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ أي في حكم الله وقضائه، أو في اللوح المحفوظ، أو فيما فرض الله مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ أي القرابات أولى بالتوارث من المهاجرين والأنصار. قال ابن كثير: (وهذه ناسخة لما كان قبلها من التوارث بالحلف والمؤاخاة التي كانت بينهم). وقال النسفي: (وكان المسلمون في صدر الإسلام يتوارثون بالولاية في الدين، وبالهجرة لا بالقرابة، ثم نسخ ذلك وجعل التوارث بحق القرابة). والمعنى: الأقرباء من هؤلاء بعضهم أولى بأن يرث بعضا

<<  <  ج: ص:  >  >>