للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلّى الله عليه وسلم كثير كما روى البخاري عن عائشة قالت: كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن للنبي صلّى الله عليه وسلم وأقول: أتهب المرأة نفسها، فلما أنزل الله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ قلت: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك. وقد روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لم يكن عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له. ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن يونس ابن بكير أي أنه لم يقبل واحدة ممن وهبت نفسها له، وإن كان ذلك مباحا له، ومخصوصا به، لأنه مردود إلى مشيئته كما قال الله تعالى: إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها أي إن اختار ذلك). بمناسبة قوله تعالى: خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قال ابن كثير: (قال عكرمة: أي لا تحل الموهوبة لغيرك، ولو أن امرأة وهبت نفسها لرجل لم تحل حتى يعطيها شيئا، وكذا قال مجاهد والشعبي وغيرهما، أي أنها إذا فوّضت المرأة نفسها إلى رجل فإنه متى دخل بها وجب عليه لها مهر مثلها، كما حكم به رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق لما فوّضت فحكم لها رسول الله صلّى الله عليه وسلم بصداق مثلها، لما توفي عنها زوجها، والموت والدخول سواء في تقرير المهر، وثبوت مهر المثل في المفوضة لغير النبي صلّى الله عليه وسلم، فأمّا هو عليه الصلاة والسلام فإنه لا يجب عليه للمفوضة شئ، ولو دخل بها، لأن له أن يتزوج بغير صداق، ولا ولي، ولا شهود، كما في قصة زينب بنت جحش رضي الله عنها ولهذا قال قتادة في قوله خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ يقول: ليس لامرأة تهب نفسها لرجل بغير ولي ولا مهر إلا للنبي صلّى الله عليه وسلم).

٣ - [ما قدم به ابن كثير للآية الأولى من المقطع السابع]

قدّم ابن كثير للآية الأولى من المقطع بقوله:

(يقول تعالى مخاطبا نبيه صلّى الله عليه وسلم بأنه قد أحل له من النساء أزواجه اللاتي أعطاهن مهورهن، وهي الأجور هاهنا كما قاله مجاهد وغير واحد، وقد كان مهره لنسائه اثنتي عشرة أوقية، ونشّا: وهو نصف أوقية، فالجميع خمسمائة درهم، إلا أم حبيبة بنت أبي سفيان فإنه أمهرها عنه النجاشي رحمه الله تعالى أربعمائة دينار، وإلا صفية بنت حيي فإنه اصطفاها من سبي خيبر، ثم أعتقها وجعل عتقها صداقها، وكذلك جويرية بنت الحارث المصطلقية أدى عنها كتابتها إلى ثابت بن قيس بن شمّاس وتزوّجها- رضي الله عنهن أجمعين).

٤ - [كلام النسفي حول الاتجاهات في تفسير آية تُرْجِي مَنْ تَشاءُ .. ]

رأينا أثناء التفسير أن هناك اتجاهين رئيسين في تفسير قوله تعالى: تُرْجِي

<<  <  ج: ص:  >  >>