للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنس: والناس يومئذ في جهد، فجئت به فقلت: يا رسول الله بعثت بهذا أم سليم إليك، وهي تقرئك السلام، وتقول: أخبره أن هذا منا له قليل، فنظر إليه ثم قال:

«ضعه» فوضعته في ناحية البيت ثم قال: «اذهب فادع فلانا وفلانا» فسمى رجالا كثيرا وقال: «ومن لقيت من المسلمين» فدعوت من قال لي، ومن لقيت من المسلمين، فجئت والبيت والصفة والحجرة ملأى من الناس، فقلت: يا أبا عثمان كم كانوا؟ فقال كانوا زهاء ثلاثمائة. قال أنس: فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: جئ به، فجئت به إليه، فوضع يده عليه ودعا وقال: «ما شاء الله- ثم قال- ليتحلّق عشرة عشرة، وليسمّوا، وليأكل كلّ إنسان مما يليه» فجعلوا يسمّون ويأكلون، حتى أكلوا كلهم، فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ارفعه» قال: فجئت فأخذت التور فنظرت فيه، فما أدري أهو حين وضعت أكثر أم حين أخذت. قال: وتخلف رجال يتحدثون في بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وزوج رسول الله صلّى الله عليه وسلم التي دخل بها معهم مولية وجهها إلى الحائط، فأطالوا الحديث، فشقوا على رسول الله، وكان أشد الناس حياء، ولو أعلموا، كان ذلك عليهم عزيزا، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم على حجره وعلى نسائه، فلما رأوه قد جاء ظنوا أنهم قد ثقلوا عليه، ابتدروا الباب فخرجوا، وجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى أرخى الستر ودخل البيت، وأنا في الحجرة، فمكث رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بيته يسيرا، وأنزل الله عليه القرآن، فخرج وهو يتلو هذه الآية: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ الآية. قال أنس: فقرأهن عليّ قبل الناس، فأنا أحدث الناس بهن عهدا» ... وقد رواه مسلم والترمذي والنسائي ... ، وروى الإمام أحمد عن أنس لما انقضت عدة زينب قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لزيد: «اذهب فاذكرها عليّ» قال: فانطلق زيد حتى أتاها- قال: وهي تخمّر عجينها- فلما رأيتها عظمت في صدري. وذكر تمام الحديث كما قدمناه عند قوله تعالى: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً وزاد في آخره: ووعظ القوم بما وعظوا به. قال هاشم في حديثه:

لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ الآية. وروى ابن جرير عن عائشة قالت: إن أزواج رسول الله صلّى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع- وهو صعيد أفيح- وكان عمر يقول لرسول الله صلّى الله عليه وسلم حجّب نساءك، فلم يكن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر بصوته الأعلى: قد عرفناك يا سودة، حرصا على أن ينزل الحجاب قالت: فأنزل الله الحجاب. هكذا وقع في هذه الرواية، والمشهور أن هذا كان بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>