للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - إن هناك ارتباطا بين رؤية الآية، والشكر لله، والإنابة إليه، وهناك ارتباط بين الشكر لله وبين الإيمان باليوم الآخر، وهذا من أوائل المعاني التي تقدمها لنا المجموعة الثالثة، فالمقطع بدأ بذكر قول للكافرين يفيد استبعادهم لليوم الآخر، ثمّ ردّ عليه، ثمّ جاءت قصة داود نموذجا على الشكر، ثم جاءت قصة سبأ نموذجا على الكفر، فالمجموعة الثانية ذكرت نموذجا لمن يرى الآيات التي تدل على الله، وعلى اليوم الآخر، والمجموعة الثالثة ذكرت نموذجا لمن يعمى عن رؤية الآيات التي تدل على الله، وعلى اليوم الآخر، ومن ثم ذكرت المجموعة الثانية ما يستحقه من يرى، وذكرت المجموعة الثالثة ما يستحقه من لا يرى.

٣ - في المجموعتين الثانية والثالثة ذكر ضمنا دليل جديد من أدلّة اليوم الآخر، فالله عزّ وجل مستحق للشكر، والقيام بالشكر مرتبط بوجود يوم آخر، وإيمان به، والله عزّ وجل المحيط علما بكل شئ، والعليم بالإنسان قضى أن يكون يوم آخر؛ لأنّه بدون ذلك لا يقوم الإنسان بحق الله.

٤ - فلتتأمل الآن صلة مجموعة سبأ بمحور السورة من سورة البقرة:

كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. إنّ المجموعة تعطينا نموذجا على الكفر الواضح الفاقع مع وجود كل ما ينافيه،

وتعطينا التعليل لهذا الكفر وهو الشك باليوم الآخر.

فالصلة قائمة بين المجموعة وما قبلها، وبين المجموعة ومحور السورة من سورة البقرة.

٥ - الملاحظ أن ما بعد مجموعة سبأ تأتي مجموعة يتوجه فيها الخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يقول للكافرين قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ ... قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ ...

فلم انتقل السياق من الكلام عن سبأ إلى هذا الخطاب المباشر؟ إن الجواب يكمن في بداية المقطع، لقد بدأ المقطع بذكر سخرية الكافرين من رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأنه يدعو إلى الإيمان باليوم الآخر وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ وقد ردّ الله عليهم، ولفت نظرهم، وأقام الحجة، وذكر ما يعطي الشاكرين بذكر قصة داود وسليمان، وذكر ما يعاقب به الكافرين في قصة سبأ؛ ليردّهم عن الكفر إلى الشكر، ثم بعد ذلك يأمر رسوله صلّى الله عليه وسلم أن يردّ

<<  <  ج: ص:  >  >>