للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير المجموعة الثالثة من المقطع الثالث]

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً المترفين والأتباع، والمتبوعين والمستضعفين والمستكبرين ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ أي أنتم أمرتم هؤلاء بعبادتكم، هذا خطاب للملائكة وتقريع للكفار

قالُوا أي الملائكة سُبْحانَكَ أي تنزيها لك أن يعبد معك غيرك أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ أي نحن عبيدك ونبرأ إليك من هؤلاء، والمعنى: أنت الذي نواليه من دونهم، إذ لا موالاة بيننا وبينهم، برهنوا بإثبات موالاة الله، ومعاداة الكفار على براءتهم من الرضا بعبادة الكافرين لهم، لأن من كان على هذه الصفة كانت حاله منافية لذلك بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَ قال ابن كثير: يعنون الشياطين، لأنهم هم الذين زيّنوا لهم عبادة الأوثان، وأضلّوهم أَكْثَرُهُمْ أي أكثر الإنس أو الكفار بِهِمْ أي بالجن مُؤْمِنُونَ أي يصدّقونهم فيما يوسوسون به

فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا أي لا يقع لكم نفع ممّن كنتم ترجون نفعه اليوم، من الأنداد والأوثان، التي ادخرتم عبادتها لشدائدكم وكربكم، فاليوم لا يملكون لكم نفعا ولا ضرا، لأن الدار دار ثواب وعقاب، والمثيب والمعاقب هو الله، فكانت حالها خلاف حال الدنيا، التي هي دار تكليف، والناس فيها مخلّى بينهم، يتضارّون ويتنافعون، والمراد أنّه لا ضارّ ولا نافع يومئذ إلا هو وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا بوضع العبادة في غير موضعها ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ في الدنيا، يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا.

كلمة في السياق: [من أسباب الكفر بالقرآن واليوم الآخر عبادة غير الله وطاعة الشياطين]

لاحظ قوله تعالى في أول المقطع وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ وقوله تعالى في آخر آية من هذه المجموعة وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ ... فالكلام كله في الظالمين الذين يرفضون الإيمان بالقرآن، واليوم الآخر، وقد بينت هذه المجموعة أنّ مظهر ظلمهم هو عبادة غير الله، وأن علّة ذلك طاعتهم وساوس الشياطين، وهكذا عرفنا من خلال السياق: أنّ من أسباب الكفر بالقرآن واليوم الآخر طاعة الكافرين، والترف، وعبادة غير الله، وطاعة الشياطين.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>