للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتبليغي الرسالة فهو لكم، أي ليس لي فيه شئ، أي لا أريد منكم جعلا ولا عطاء على أداء رسالة الله عزّ وجل إليكم، ونصحي إياكم، وأمركم بعبادة الله إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ أي إنما أطلب ثواب ذلك من عند الله وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ فيعلم أني لا أطلب الأجر على نصيحتكم ودعائكم إليه إلّا منه، ولما كان سبب الكفر الرئيسي هو الجهل بالله، والجهل بأنّ من شأن الله أن ينزل وحيا،

قال تعالى: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ القذف هو الإلقاء بدفع، ومعنى يَقْذِفُ بِالْحَقِّ: أي يلقيه وينزله على أنبيائه، أو يرمي به الباطل فيدمغه ويزهقه عَلَّامُ الْغُيُوبِ فهو وحده القادر على أن يبيّن الحق في كل شئ ويوضّحه، وإذا كان هذا شأن الله فلا عجب أن ينزل القرآن

قُلْ جاءَ الْحَقُّ أي الإسلام والقرآن وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ أي زال الباطل وهلك، لأن الإبداء والإعادة من صفات الحي، فعدمهما عبارة عن الهلاك، قال ابن كثير: أي جاء الحق من الله، والشرع العظيم، وذهب الباطل وزهق واضمحل، وهذا رد على ما قالوه في أوّل المقطع لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وإذ كان الإنسان بدون وحي الله لا بد ضال مهما كان من صفاء الفطرة،

فإن الله عزّ وجل أمر رسوله صلّى الله عليه وسلم أن يقول قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ عن الحق فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي أي إن ضللت فمنّي وعليّ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي أي فبتسديده بالوحي إليّ أهتدي. قال النسفي: (وهذا حكم عام لكل مكلف، وإنما أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلم أن يسنده إلى نفسه لأن الرسول صلّى الله عليه وسلم إذا دخل تحته- مع جلالة محلّه وسداد طريقته- كان غيره أولى به) وهذا يفيد أن الإنسان بدون الوحي ضال مهما كان، فهذا محمد صلّى الله عليه وسلم أصفى الخلق فطرة، وأعظم الناس عقلا، أمره الله عزّ وجل أن يقول ذلك؛ فهذا دليل على أنّه لا بدّ من الوحي، فكفر الكافرين بالقرآن خبال، وهو فرع الكفر بالله، إذ لو عرفوا الله حق معرفته لأيقنوا بأنه سيوحي وسيهدي إِنَّهُ سَمِيعٌ لأقوال عباده، أو سميع لما أقوله لكم قَرِيبٌ مني ومنكم، يجازيني ويجازيكم، فلو كنت مدّعيا عليه لعاقبني.

...

[كلمة في السياق]

١ - رأينا أن المقطع قد ابتدئ بقوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>