للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام أحمد عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من قرض بيت شعر بعد العشاء الآخرة لم تقبل له صلاة تلك الليلة» وهذا حديث غريب من هذا الوجه ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، والمراد بذلك نظمه لا إنشاده والله أعلم، على أن الشعر فيه ما هو مشروع وهو هجاء المشركين الذي كان يتعاطاه شعراء الإسلام، كحسان بن ثابت رضي الله عنه، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، وأمثالهم وأضرابهم رضي الله عنهم أجمعين، ومنه ما فيه حكم ومواعظ وآداب، كما يوجد في شعر جماعة من الجاهلية ومنهم: أمية بن أبي الصلت الذي قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «آمن شعره وكفر قلبه» وقد أنشد بعض الصحابة رضي الله عنهم للنبي صلّى الله عليه وسلم مائة بيت يقول صلّى الله عليه وسلم عقب كل بيت «هيه» يعني يستطعمه فيزيده من ذلك، وقد روى أبو داود من حديث أبي بن كعب وبريدة بن الخصيب وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إن من البيان سحرا وإن من الشعر حكما»).

١٢ - [الصلة بين ذكر إحياء الله للموتى وذكر إحيائه للقلوب]

رأينا أثناء الكلام عن السياق الصلة بين قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ ... وبين قوله تعالى: لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ إذ قلنا: إن في ذكر إحياء الله الموتى في سياق السورة إشارة إلى إحيائه القلوب. قال ابن كثير: (وفيه إشارة إلى أن الله تعالى يحيي قلب من يشاء من الكفار، الذين قد ماتت

قلوبهم بالضّلالة فيهديهم بعد ذلك إلى الحق، كما قال تعالى بعد ذكر قسوة القلوب اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).

١٣ - [نصيحة المؤلف للمتصدي للقراءة في كتب التفسير وكلام المفسرين]

إن علينا أن نلاحظ أثناء قراءتنا لكتب التفسير صلة كلام المفسرين بتصوراتهم وثقافاتهم، وثقافات عصورهم، فإن كلامهم أحيانا لا يخلو عن خطأ في بعض المواطن، وخاصة عند ما يتحدثون عن الكون بمناسبة ذكر القرآن لمظهر من مظاهر الكون، إذ ثقافة عصورهم المحدودة تجعلهم يفهمون بعض النصوص على ضوء ثقافة عصرهم، ولو كان خطأ، وقد رأينا أكثر من مرّة كيف يسع النص القرآني الزمان والمكان، وكيف أن فيه من مظاهر الإعجاز ما لا يحاط به، وإنما نقول هذا ليتنبه القارئ على أنّ أقوال النّاس ليست حجة على كتاب الله، بل كتاب الله عزّ وجل هو الحجة على أقوال الناس، والحاكم عليها. وفي عصرنا يحاول الكثيرون من الكافرين أن

<<  <  ج: ص:  >  >>