للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلمتم أنه المنعم الحقيقي، فكان حقيقا بالعبادة؟) وهذه الآية تفسّر القلب السليم بأنه القلب الموحّد، النّافر من الشّرك، المنكر على أهله.

[كلمة في السياق]

من ذكر أن إبراهيم عليه السلام من شيعة نوح عليه السلام، ومن ذكر إنكار إبراهيم عليه السلام على قومه الشرك نعلم أن إبراهيم ونوحا كليهما بعثا بالتوحيد، فإذا تذكّرنا قوله تعالى عن أهل النار إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ* وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ* بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ إذا تذكّرنا هذا نعرف كيف أنّ هذا الجزء من المقطع تمثيل لما ورد في المجموعة الأولى، فالرسل بعثوا بالتوحيد جميعا، ومحمد صلّى الله عليه وسلم مصدّق لهم في ذلك،

وصلة ذلك كله بالسياق الرئيسي للسورة إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ واضحة.

...

فَنَظَرَ إبراهيم عليه السلام نَظْرَةً فِي النُّجُومِ قال النسفي: (أي نظر في النجوم راميا ببصره إلى السماء، متفكّرا في نفسه كيف يحتال لإصلاح اعتقادهم، أو أراهم أنه ينظر في النجوم لاعتقادهم علم النجوم، فأوهمهم أنه استدلّ بأمارة على أنّه يسقم

فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ أي ضعيف أو مشارف للسقم قال ابن كثير: (إنما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه ذلك ليقيم في البلد إذا ذهبوا إلى عيدهم، فإنه كان قد أزف خروجهم إلى عيد لهم، فأحب أن يختلي بآلهتهم ليكسّرها، فقال لهم كلاما هو حق في نفس الأمر، فهموا منه أنّه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه)

فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ أي فأعرضوا عنه مولّين الأدبار، وقد فهم بعضهم من هذا أنه ذكر لهم مرضا يخافونه، قال ابن عباس: فقالوا له وهو في بيت آلهتهم: اخرج فقال: إني مطعون، فتركوه مخافة الطاعون

فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ أي مال إليها سرّا قال ابن كثير:

(أي ذهب إليها بعد ما خرجوا في سرعة واختفاء) فَقالَ للأصنام استهزاء أَلا تَأْكُلُونَ قال ابن كثير: وذلك أنهم كانوا قد وضعوا بين أيديها طعاما قربانا لتبرّك لهم فيه

ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ* فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ أي فأقبل ومال عليهم ضربا بيمينه، لأنّها أقوى الجارحتين، وأشدّهما، أو ضربهم بسبب اليمين الذي حلفه في قوله وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ [الأنبياء: ٥٧]

فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ أي يسرعون قال ابن كثير: (وهذه القصة هاهنا مختصرة وفي سورة الأنبياء مبسوطة فإنّهم

<<  <  ج: ص:  >  >>