للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ قال النسفي: (أي استخلفناك على الملك في الأرض، أو جعلناك خليفة ممن كان قبلك من الأنبياء القائمين بالحق) وفيه دليل على أن حاله بعد التوبة بقيت على ما كانت عليه لم تتغيّر فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ قال النسفي: أي بحكم الله إذ كنت خليفته، أو بالعدل وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى أي هوى النفس في قضائك وحكمك فَيُضِلَّكَ الهوى عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن دينه وشرعه وطريقه إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ أي بنسيانهم يوم الحساب. قال السّدّي: (أي) لهم عذاب شديد بما تركوا أن يعملوا ليوم الحساب. قال ابن كثير: (هذه وصية من الله عزّ وجل لولاة الأمور، أن يحكموا بين الناس بالحق المنزّل من عنده تبارك وتعالى، ولا يعدلوا عنه؛ فيضلّوا عن سبيل الله، وقد توعّد تبارك وتعالى من ضلّ عن سبيله وتناسى يوم الحساب بالوعيد الأكيد والعذاب الشديد).

...

[كلمة في السياق]

نلاحظ أنه بعد الأمر لداود عليه السلام بالحكم بالحق، وترك اتباع الهوى، تأتي الآن ثلاث آيات تفصل بين الكلام عن داود وسليمان عليهما السلام، فكأن هذه الآيات تعلّل للأمر بالحكم بالحق، وللنهي عن اتباع الهوى، وتعلّل لمجئ اليوم الآخر والحساب.

..

وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما من الخلق باطِلًا أي خلقا باطلا أي ما خلقناهما وما بينهما للعبث واللعب، ولكن للحق المبين، وهو أنا خلقنا نفوسا أودعناها العقل، ومنحناها التمكين، وأزحنا عللها، ثمّ عرّضناها للمنافع العظيمة بالتكليف، وأعددنا لها عاقبة وجزاء على حسب أعمالهم. قال ابن كثير: (يخبر تعالى أنه ما خلق الخلق عبثا، وإنّما خلقهم ليعبدوه ويوحّدوه، ثمّ يجمعهم يوم الجمع فيثيب المطيع ويعذّب الكافر) ثم أخبر تعالى أن خلق السموات والأرض باطلا ظن الكافرين قال تعالى: ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا أي الذين لا يرون بعثا ولا معادا، وإنما يعتقدون أن ليس إلّا هذه الدار فقط. قال النسفي: (أي خلقها للعبث لا للحكمة

<<  <  ج: ص:  >  >>