للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام، فإنه الآن يقصّ علينا حادثة تدلّ على أوّابيّة سليمان عليه السلام، وتخصيص سليمان عليه السلام بالذكر بأنّه هبة الله إلى داود- مع أن داود كان له بنون غيره- يدلّ على أنّ المراد بهذه الهبة جعله سليمان نبيا

إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ أي على سليمان عليه السلام بِالْعَشِيِّ أي بعد الظهر الصَّافِناتُ هي الخيل التي تقف على ثلاث، وطرف حافر الرابعة الْجِيادُ أي السراع، جمع جواد لأنه يجود بالركض.

قال النسفي: (وصفها بالصفون لأنه لا يكون في الهجان، وإنّما هو في العراب، وقيل وصفها بالصفون والجودة ليجمع لها بين الوصفين المحمودين، واقفة وجارية، يعني إذا وقفت كانت ساكنة مطمئنة في مواقفها، وإذا جرت كانت سراعا خفافا في جريها وقيل الجياد الطوال الأعناق من الجيد ... )

فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ أي المال أي الخيل عَنْ ذِكْرِ رَبِّي أي عن صلاتي حَتَّى تَوارَتْ الشمس بِالْحِجابِ قال النسفي: (والذي دلّ على أنّ الضمير للشمس مرور ذكر العشي، ولا بد للضمير من جري ذكر أو دليل ذكر، أو الضمير للصافنات أي حتى توارت بحجاب الليل يعني الظلام

رُدُّوها عَلَيَّ أي ردّوا الصافنات عليّ فَطَفِقَ أي فجعل مَسْحاً أي يمسح السيف بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ أي يقطّعها لأنّها منعته عن الصلاة، وكانت الخيل مأكولة في شريعته، فلم يكن إتلافا. وسنرى في الفوائد كلام ابن كثير في هذا المقام.

...

[كلمة في السياق]

تبيّن لنا هذه الحادثة أوابيّة سليمان عليه السلام، إذ رأينا سليمان عليه السلام قد أشغله الاستعراض عن ذكر الله، ففعل ما فعل معاقبة لنفسه، وغضبا لله، بأن قتل ما شغله عن ذكر الله عزّ وجلّ، وفي ذلك درس لكل حاكم مسلم ألا تشغله الاستعراضات عن ذكر الله عزّ وجل، وألا يستغرقه شأن عن واجباته تجاه ربه عزّ وجل، وبعد أن ذكر الله عزّ وجل هذه الحادثة التي دلّتنا على أوّابية سليمان عليه السلام، ذكر حادثة أخرى تدلّ على ذلك:

...

وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ أي اختبرناه وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ أي: على سرير ملكه جَسَداً أي: لا روح فيه، أي لا إيمان كامل فيه، أو جسد ميّت عزيز

<<  <  ج: ص:  >  >>