للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعملون للآخرة ليس لهم همّ غيرها

وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ أي: المختارين من بين أبناء جنسهم الْأَخْيارِ جمع خيّر. قال ابن كثير: (أي المختارين المجتبين الأخيار، فهم أخيار مختارون.

...

[كلمة في السياق]

يلاحظ أنه سبحانه وتعالى قال عن داود عليه السلام: وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ وهاهنا قال عن إبراهيم وإسحاق ويعقوب: أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ وفي ذلك درس للنذير وأمته. وفي قوله تعالى: إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ تبيان لطريق السير إلى أن يكون الإنسان من المخلصين. وفي ذلك درس ثان للنذير وأمته.

وفي الأمر بذكر الرّسل عليهم الصّلاة والسّلام إشعار بأن لله رسلا قبل محمد صلّى الله عليه وسلم قد بعثوا بالتوحيد والإنذار، فليس محمد صلّى الله عليه وسلم ببدع من الرسل، فعجب الكافرين الذي ذكره الله عزّ وجل لنا في أوّل السورة في غير محله. وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ يدلّنا على هذا الآية الآتية، إذ ليس فيها إلا الأمر بذكر مجموعة من الرسل عليهم الصلاة والسلام.

وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وهو خليفة إلياس في قومه بني إسرائيل وَذَا الْكِفْلِ نقل الألوسي عن وهب بن منبه: (أن الله بعث بعد أيوب عليه السلام شرف بن أيوب نبيا وسمّاه ذا الكفل) والاختلاف في شأن ذي الكفل عليه السلام كثير وَكُلٌّ أي: وكلهم مِنَ الْأَخْيارِ.

[كلمة في السياق]

١ - بالآية الأخيرة تنتهي الأوامر بصيغة وَاذْكُرْ الآتية في هذا المقطع وفي السورة، ويأتي بعد هذا مباشرة- كما سنرى- قوله تعالى: هذا ذِكْرٌ قال ابن كثير: (أي هذا فصل فيه ذكر لمن يتذكّر وقال السدي: يعني: القرآن العظيم).

ممّا يدلّ على ما ذكرناه من قبل أن في هذا المقطع نموذجا على كون هذا القرآن ذكرا يذكّر بالله عزّ وجل، وصفاته وأفعاله، وإنعامه واختباره، وعطائه وشرعه وسنته وغير ذلك. وكون القرآن على مثل هذا الكمال في الذكر فذلك وحده دليل على أنّه من عند الله، وإلا فمن من البشر قادر على أن يأتي بكتاب فيه كل شئ، وهو ذكر كله؟ وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>