للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا إقامة حجّة على الكافرين الذين لا يستفيدون من الإنذار إذ لم يبق لهم ما يتعلّقون به بعد هذا القرآن، ولئن كان المقطع أدى دوره في هذا الموضوع فهو يؤدي دوره كذلك في تعليم النّذير وأمّته ما ينبغي أن يكونوا عليه من الكمال، غير ملتفتين إلى أقوال الكافرين ومواقفهم.

٢ - لقد رأينا في هذا المقطع كيف أن هذا القرآن ذكر من خلال تذكيره بفعل الله برسله، ومن خلال ذكره لكمال رسله وهديهم، ومن خلال تقريره للحجج القاطعة كما رأينا نموذج ذلك في الآيات الآتية في وسط الكلام عن داود وسليمان عليهما السلام، وسنرى الآن المجموعة الأخيرة في المقطع كنموذج على كون القرآن ذكرا من خلال عرضه ما أعد الله عزّ وجل للمتقين وللظالمين. فلنر المجموعة الأخيرة:

...

هذا ذِكْرٌ قال ابن كثير: (أي هذا فصل فيه ذكر لمن يتذكّر. وقال السدي يعني القرآن العظيم) وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ أي لحسن مرجع ومنقلب.

...

[كلمة في السياق]

قد وجّه النسفي هذه الآية على الشكل التالي: قال: (أي: هذا شرف وذكر جميل، يذكرون فيه أبدا، وإنّ لهم مع ذلك لحسن مرجع، يعني: يذكرون في الدنيا بالجميل، ويرجعون في الآخرة إلى مغفرة رب جليل). وعلى هذا فالنسفي يفهم أن المراد بالمتقين في الآية هم المذكورون من قبل، وأن المراد بالأوامر السابقة وَاذْكُرْ ... التعريف على شرف هؤلاء الرّسل، فيكون على هذا الدرس الرئيسي في المقطع كله: هو أن الذين يتّقون الله لهم شرف الدنيا والآخرة، فكن أيها الإنسان منهم، ولا تكن من الكافرين الذين عرض الله لهم في أول السورة، وسيعرض الله علينا ما أعدّ لهم من عذاب في آخر هذه المجموعة، وهو توجيه حسن، ولكنّ التوجيه الذي وجهناه نحن، والذي يعضده عرض ابن كثير قد يكون أكثر انسجاما مع السّياق- والله أعلم-. وعلى توجيهنا يكون المعنى: إن هذا القرآن مهمته التذكير، فمن اتقى فجزاؤه كذا، ومن طغى فجزاؤه كذا، فكانت الصيغة المؤدية لهذا المعنى:

<<  <  ج: ص:  >  >>