للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ... هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ ... ولنعد إلى التفسير.

...

فقد فسر الله عزّ وجل حسن المآب الذي أعده للمتقين بقوله: جَنَّاتِ عَدْنٍ أي: جنات إقامة مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ أي: مفتحة لهم أبوابها أي: إذا جاءوها فتحت لهم أبوابها

مُتَّكِئِينَ فِيها أي: جلستهم المفضّلة هي الاتّكاء، وهي أكثر أنواع الجلوس راحة يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ أي: مهما طلبوا وجدوا، وأحضر كما أرادوا وَشَرابٍ أي: من أي أنواعه شاءوا أتتهم به الخدّام

وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أي: عن غير أزواجهن فلا يلتفتن إلى غير بعولتهن أَتْرابٌ أي: متساويات في السنّ والعمر. قال النسفي: (أي: لدات أسنانهنّ كأسنانهم، لأنّ التحابّ بين الأقران أثبت)

هذا ما تُوعَدُونَ أيها المتقون لِيَوْمِ الْحِسابِ أي: ليوم تجزى كل نفس بما عملت قال ابن كثير: (أي: هذا الذي ذكرنا من صفة الجنّة هي التي وعدها لعباده المتقين التي يصيرون إليها بعد نشورهم وقيامهم من قبورهم وسلامتهم من النار). ثم أخبر تبارك وتعالى عن الجنة أنه لا فراغ لها ولا زوال ولا انقضاء ولا انتهاء.

فقال تعالى: إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ أي: من انقطاع، ولما ذكر الله تعالى مآل السعداء، ثنّى بذكر حال الأشقياء، ومرجعهم ومآبهم في دار معادهم وحسابهم فقال:

هذا أي: الأمر هذا، أو هذا كما ذكر وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ أي: الخارجين عن طاعة الله عزّ وجلّ، المخالفين لرسل الله صلّى الله عليه وسلم لَشَرَّ مَآبٍ أي: لسوء منقلب ومرجع. ثمّ فسّره بقوله:

جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها أي: يدخلونها فتغمرهم من جميع جوانبهم فَبِئْسَ الْمِهادُ شبّه ما تحتهم من النّار بالمهاد الذي يفترشه النائم

هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ أي: هذا حميم وغسّاق فليذوقوه. قال ابن كثير: (أما الحميم: فهو الماء الذي قد انتهى حره، وأما الغساق: فهو ضدّه، وهو البارد الذي لا يستطاع من شدة برده المؤلم). ولهذا قال عزّ وجل:

وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ أي: وأشياء من هذا القبيل، الشئ وضده يعاقبون بها. قال الحسن البصري: ألوان من العذاب. وقال غيره:

كالزمهرير، والسّموم، وشرب الحميم، وأكل الزّقوم، والصعود والهوي، إلى غير ذلك من الأشياء المختلفة المتضادّة، والجميع مما يعذّبون به، ويهانون بسببه

هذا فَوْجٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>