للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نقول]

بمناسبة قوله تعالى: يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ قال صاحب الظلال: (وهو تعبير عجيب يقسر الناظر فيه قسرا على الالتفات إلى ما كشف حديثا عن كروية الأرض، ومع أنني في هذه الظلال حريص على ألا أحمل القرآن على النظريات التي يكشفها الإنسان، لأنها نظريات تخطئ وتصيب، وتثبت اليوم وتبطل غدا. والقرآن حق ثابت يحمل آية صدقه في ذاته، ولا يستمدها من موافقة أو مخالفة لما يكشفه البشر الضعاف المهازيل!

مع هذا الحرص فإن هذا التعبير يقسرني قسرا على النظر في موضوع كروية الأرض.

فهو يصوّر حقيقة مادية ملحوظة على وجه الأرض. فالأرض الكروية تدور حول نفسها في مواجهة الشمس؛ فالجزء الذي يواجه الشمس من سطحها المكور يغمره الضوء ويكون نهارا. ولكن هذا الجزء لا يثبت لأن الأرض تدور. وكلما تحركت بدأ الليل يغمر السطح الذي كان عليه النهار. وهذا السطح مكوّر، فالنهار كان عليه مكوّرا والليل يتبعه مكوّرا كذلك. وبعد فترة يبدأ النهار من الناحية الأخرى يتكوّر على الليل.

وهكذا في حركة دائبة: يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ. واللفظ يرسم الشكل، ويحدد الوضع، ويعين نوع طبيعة الأرض وحركتها. وكروية الأرض ودورانها يفسران هذا التعبير تفسيرا أدق من أي تفسير آخر لا يستصحب هذه النظرية).

وبمناسبة قوله تعالى: وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ قال صاحب الظلال:

(والأنعام الثمانية كما جاءت في آية أخرى- هي: الضأن والمعز والبقر والإبل، من كلّ ذكر وأنثى، وكلّ من الذكر والأنثى يسمى زوجا عند اجتماعهما. فهي ثمانية في مجموعها .. والتعبير يعبر عن تسخيرها للإنسان بأنه إنزال لها من عند الله، فهذا التسخير منزل من عنده منزل من عليائه إلى عالم البشر، ومأذون لهم فيه من عنده تعالى).

كلمة في السّياق:

هاتان الآيتان خدمتا في تقرير أن القرآن حق، وخدمتا في موضوع استحقاق الله

<<  <  ج: ص:  >  >>