للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْ يا محمد لهذا الكافر تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا أي: في الدنيا، وهو أمر تهديد.

قال ابن كثير: (أي: قل لمن هذه حالته وطريقته ومسلكه: تمتّع بكفرك قليلا، وهو تهديد شديد، ووعيد أكيد) دلّ هذا على أنّ للكفر متعته وهي آثار الكفر في الانفلات من التكليف إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ أي: من أهلها.

[كلمة في السياق]

أقامت هذه الآية الحجة على الكفار بأنّهم جاحدون لنعم الله العامة والخاصة؛ فالطبيعة الكافرة طبيعة جحود، على خلاف الطبيعة المؤمنة، ومن ثم تأتى الآية اللاحقة لتبيّن الفارق البعيد بين موقف الكافر الذي صوّرته الآية السابقة، وموقف المؤمن الشاكر الذي تصوره الآية اللاحقة.

أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ أي: مطيع لله آناءَ اللَّيْلِ أي: ساعاته ساجِداً وَقائِماً أي: مصليا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ أي: هو في حال عبادته خائف راج، يخاف عذاب الآخرة، ويرجو جنة ربه، لا كذلك الكافر الجاحد المشرك، الذي مرّ ذكره في الآية السابقة قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ قال ابن كثير: (أي: هل يستوي هذا والذي قبله ممن جعل لله أندادا؛ ليضل عن سبيله) جعل الكافر لا يعلم، وأي: علم لمن يجهل ربه، ويجهل طريق شكر إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ أي: إنّما يتّعظ بوعظ الله أولو العقول أو إنّما يعلم الفرق بين هذا وهذا من له لبّ وهو العقل.

[نقل]

بمناسبة قوله تعالى: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ قال صاحب الظلال رحمه الله: فالعلم الحق هو المعرفة. هو إدراك الحق. هو تفتّح البصيرة. هو الاتصال بالحقائق الثابتة في هذا الوجود. وليس العلم هو المعلومات المفردة المنقطعة التي تزحم الذهن، ولا تؤدي إلى حقائق الكون الكبرى، ولا تمتد وراء الظاهر المحسوس.

وهذا هو الطريق إلى العلم الحقيقي والمعرفة المستنيرة .. هذا هو .. القنوت لله وحساسية القلب، واستشعار الحذر من الآخرة، والتطلّع إلى رحمة الله وفضله؛

<<  <  ج: ص:  >  >>