للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا فعله. فهو أعوج المقال؛ كاذبه، سيئ الفعال، كلامه كذب، واعتقاده فاسد، وأفعاله قبيحة. وَإِذا تَوَلَّى ... أي: إذا كان له سلطان. فعل ما يفعله ولاة السوء من الفساد في الأرض بإهلاك الحرث والنسل. أو أنه يظهر الظلم حتى يمنع الله بشؤم ظلمه القطر، فيهلك الحرث والنسل. والمهم أن المنافق ليس له همة إلا الفساد في الأرض، وإهلاك الحرث: وهو محل نماء الزرع والثمار، والنسل: وهو نتاج الحيوانات؛ إهلاك للناس لأنه لاقوام للناس إلا بهما. وسعى في الآية بمعنى قصد. وما أصدق هذا في

منافقي عصرنا. يحلفون أنهم مسلمون، وأنهم لا يريدون إلا الخير، وهم شديدو الخصومة للإسلام والمسلمين. وإذا كانت لهم سلطة لم يكن لهم هم إلا في الإفساد بالخروج عن الشريعة، وإهلاك الحرث والنسل بسبب الظلم تحت شعاراتهم الخبيثة ولقد رأينا من آثار حكمهم هلاك الحرث وهلاك النسل. وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ: ولا أهله فهو لا يحب من هذه صفته، ولا من يصدر منه ذلك.

وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ أي: إذا وعظ هذا الفاجر في مقاله وفعاله، وقيل له: اتق الله، وانزع عن قولك، وفعلك، وارجع إلى الحق، امتنع، وأبى، وأخذته الحمية، والغضب بالإثم. أي: بسبب ما اشتمل عليه من الآثام. أو أخذته العزة من أجل الإثم الذي في قلبه، وهو الكفر، أو حملته النخوة وحمية الجاهلية على الإثم الذي ينهى عنه، وألزمته ارتكابه فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ: أي هي كافيته عقوبة. وَلَبِئْسَ الْمِهادُ: أي ولبئس الفراش جهنم.

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ: لما أخبر عزّ وجل عن المنافقين بصفاتهم الذميمة. ذكر صفات المؤمنين الحميدة.

[من أسباب النزول]

قال ابن عباس، وأنس بن مالك، وأبو عثمان النهدي، وعكرمة، وجماعة: «نزلت في صهيب بن سنان الرومي. وذلك أنه لما أسلم بمكة، وأراد الهجرة منعه الناس أن يهاجر بماله. وإن أحب أن يتجرد منه ويهاجر فعل. فتخلص منهم وأعطاهم ماله.

فأنزل الله هذه الآية. فتلقاه عمر بن الخطاب وجماعة إلى طرف الحرة فقالوا له: ربح البيع. فقال: وأنتم فلا أخسر الله تجارتكم. وما ذاك. فأخبروه أن الله أنزل فيه هذه الآية».

<<  <  ج: ص:  >  >>