للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير المجموعة الثانية من الفقرة الأولى]

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أي: المعجزات التسع وَسُلْطانٍ مُبِينٍ أي وحجة ظاهرة، فاجتمع له المعجزة والحجة القولية

إِلى فِرْعَوْنَ ملك مصر وَهامانَ وهو وزيره في مملكته وَقارُونَ وهو من بني إسرائيل، وكان أكثر الناس في زمانه مالا وتجارة. وقد مرّت قصته في سورة القصص فَقالُوا عن موسى هو ساحِرٌ كَذَّابٌ فسمّوا المعجزات سحرا، والحجة الواضحة كذبا. أي:

كذّبوه وجعلوه ساحرا مجنونا مموّها كذّابا في أنّ الله أرسله

فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا أي: بالبرهان القاطع الدّال على أنّ الله عزّ وجل أرسله إليهم قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ أي: أعيدوا عليهم قتل الذكور الذي كان أولا، واستحياء الإناث للخدمة. قال ابن كثير: (وهذا أمر ثان من فرعون بقتل ذكور بني إسرائيل، أما الأول فكان لأجل الاحتراز من وجود موسى، أو لإذلال هذا الشعب وتقليل عددهم، أو لمجموع الأمرين، وأما الأمر الثاني فللعلة الثانية، ولإهانة هذا الشعب، ولكي يتشاءموا بموسى عليه السلام؛ ولهذا قالوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (سورة الأعراف: ١٢٩). قال قتادة هذا أمر بعد أمر). ومن القائل هذه المرة، هل هو فرعون وحده، أو اشترك معه هامان وقارون؟ الملاحظ أن القرآن عبّر بصيغة (قالوا) وهذا يشير إلى تواطؤ الثلاثة على القتل. وسنتحدث في الفوائد عن قارون وهامان. فلنسر الآن في التفسير قال تعالى عن كيدهم في قتل الأولاد واستحياء الذرية وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ أي: في ضياع يعني أنهم باشروا قتلهم أولا، فما أغنى عنهم، ونفذ قضاء الله بإظهار من خافوه، فما يغني عنهم هذا القتل الثاني؟! وكان فرعون قد كفّ عن قتل الولدان. فلمّا بعث موسى عليه السلام، وأحسّ بأنّه قد وقع، أعاده عليهم غيظا وظنا منه أنّه يصدّهم بذلك عن مظاهرة موسى عليه السلام، وما علم أنّ كيده ضائع في الكرّتين جميعا

وَقالَ فِرْعَوْنُ لملئه ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى أي: دعوني حتى أقتل موسى. قال ابن كثير: وهذا عزم من فرعون لعنه الله تعالى على قتل موسى عليه الصلاة والسلام وَلْيَدْعُ رَبَّهُ قال ابن كثير: أي لا أبالي منه، وهذا في غاية الجهل والتجهرم والعناد إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أي أن يغيّر ما أنتم عليه أَوْ أَنْ يُظْهِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>