للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السورة عند ما بدأت في الكلام عن الجدال في آيات الله إنّما كانت تفصّل قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ... من سورة البقرة.

٢ - ورد في كلام مؤمن آل فرعون هذان القولان: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ إن الله لا يهدي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ* الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ .... وهذا يدل على أن الله عزّ وجل إذا حكم على إنسان بالكفر، وختم على قلبه فما ذلك إلا لاتّصافه بصفات: منها الإسراف، ومنها الكذب، ومنها الارتياب الذي يرافقه جدال في آيات الله بغير حق، وردّ لها ودفع، أما إذا كان ريب يرافقه رغبة في الإيمان، وتسليم للحجة، فهذا يرجى من صاحبه خير.

٣ - إذا اعتبرنا كلام مؤمن آل فرعون تفصيلا لمحور السورة إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ فإننا ندرك هاهنا قضية مهمة: وهي أنّه إذا كان الإنذار لأمثال هؤلاء الكافرين لا ينفعهم، بحيث يؤمنون، فإن الكلام معهم قد يفيد في شيء آخر؛ فإننا لاحظنا أن كلام مؤمن آل فرعون أثّر في صرف فرعون عن قتل موسى عليه السلام، ومن ثم فلا بد من إنذار، فإنه إنّ لم ينفع في تحقيق قضية الإيمان، فإنه ينفع في شئون أخرى، فلا يقولن إنسان لا ينفع الإنذار أبدا. فليس هناك طاغية كفرعون، ومع ذلك تزحزح عن موقف من مواقفه بسبب الإنذار البليغ.

٤ - نلاحظ أنه في أول السورة وعظ الله الكافرين بقوله: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ .. ونلاحظ أن مؤمن آل فرعون وعظ قومه بهذا: يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ* مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ ... فالله عزّ وجل يعظ هذه الأمة من خلال الخطاب المباشر، ومن خلال العرض، ومن خلال القصة.

ومن كل ما ذكرناه ندرك أنّ السورة تسير في اتجاه واحد، وتؤلف وحدة متكاملة ومحورا محددا.

وقبل أن ننتقل إلى الجولة الثانية من كلام مؤمن آل فرعون. فلننقل بعض الفوائد.

[فوائد]

١ - [كلام ابن كثير عن مؤمن آل فرعون]

بمناسبة الكلام عن مؤمن آل فرعون. قال ابن كثير: (قال ابن جرير عن ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>