للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الأرض الحساسة إلى هذا الحد، لا عجب أن تكون الجبال الرواسي حافظة لتوازنها ومانعة: أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ* كما جاء في القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنا.

وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها .. وقد كانت هذه الفقرة تنقل إلى أذهان أسلافنا صورة الزرع النامي في هذه الأرض، وبعض ما خبأه الله في جوف الأرض من معادن نافعة كالذهب والفضة والحديد وما إليها .. فأما اليوم بعد ما كشف الله للإنسان أشياء كثيرة من بركته في الأرض ومن أقواتها التي خزنها فيها على أزمان طويلة، فإن مدلول هذه الفقرة يتضاعف في أذهاننا ..

وقد رأينا كيف تعاونت عناصر الهواء فكونت الماء .. وكيف تعاون الماء والهواء والشمس والرياح فكونت التربة الصالحة للزرع. وكيف تعاون الماء والشمس والرياح فكونت الأمطار أصل الماء العذب كله من أنهار ظاهرة وأنهار باطنة تظهر في شكل ينابيع وعيون وآبار .. وهذه كلها من أسس البركة ومن أسس الأقوات.

وهناك الهواء. ومن الهواء أنفاسنا وأجسامنا ...

«إن الأرض كرة تلفها قشرة من صخر. وتلفّ أكثر الصخر طبقة من ماء. وتلفّ الصخر والماء جميعا طبقة من هواء. وهي طبقة من غاز سميكة. كالبحر، لها أعماق.

ونحن- بني الإنسان، والحيوان، والنبات- نعيش في هذه الأعماق، هانئين بالذي فيها.

«فمن الهواء نستمد أنفاسنا، من أكسجينه. ومن الهواء يبني النبات جسمه، من كربونة، بل من أكسيد كربونة، ذلك الذي يسميه الكيماويون ثاني أكسيد الكربون.

يبني النبات جسمه من أكسيد الفحم هذا. ونحن نأكل النبات. ونأكل الحيوان الذي يأكل النبات. ومن كليهما نبني أجسامنا. بقي من غازات الهواء النتروجين- أي الأزوت- فهذا لتخفيف الأكسجين حتى لا نحترق بأنفاسنا. وبقي بخار الماء، وهذا لترطيب الهواء. وبقيت طائفة من غازات أخرى، توجد فيه بمقادير قليلة هي- في غير ترتيب- الأرجون والهليوم والنيون، وغيرها. ثم الإدروجين. وهذه تخلفت- على الأكثر- في الهواء من بقايا خلقة الأرض الأولى» (١).


(١) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>