للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا نظرنا إلى صلة هذه المعاني بالمقطع الأول من السورة، فإننا نجد أن الصلة كاملة. لقد قرّر المقطع الأول أن الله عزّ وجل أوحى لرسوله محمد صلّى الله عليه وسلم وللرسل السابقين. وقد جاء في هذه المجموعة تحديد لمضمون الوحي، وتلخيص لحكم إنزال القرآن. وكما أن الصلة واضحة بين هذه المجموعة وسياق السورة، فالصلة واضحة مع المحور الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ فتقرير أن منزل الكتاب هو الله- عزّ وجل-، وتبيان حكم النزول، وتبيان أن الذين يجادلون في آيات الله حجّتهم داحضة. كل هذه المعاني صلتها مباشرة بمحور السورة.

٢ - ذكر- فيما مرّ من السورة- التوحيد، كما ذكر أن مضمون شريعة الله إقامة دين الله والاجتماع على ذلك، وستأتي معنا مجموعتان: مجموعة موضوعها الرئيسى توحيد، ومجموعة موضوعها الرئيسي خصائص جماعة المسلمين، فلنر المجموعتين.

وهما الثانية والثالثة في المقطع الثاني. ونلاحظ أنّ المجموعة الآتية تتألف من فقرات واضحة المعالم. كل فقرة منها مبدوءة إما بلفظ الجلالة: اللَّهُ* أو بقوله تعالى:

وَهُوَ*. ومجموع فقراتها أربعة، وأوائلها على الترتيب: اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ .. اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ .. وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ ...

وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا.

ومن ملاحظة بداية الفقرات نعلم أن الحديث عن الله- عزّ وجلّ- هو المضمون الرئيسي للمجموعة بفقراتها:

[المجموعة الثانية من المقطع الثاني وهي الآيات (١٧ - ٣٥)]

[تفسير الفقرة الأولى من المجموعة الثانية]

اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ أي: جنس الكتاب بِالْحَقِّ أي: بالصدق، يعني أن الكتب المنزلة من عنده على أنبيائه كلها صدق وحق، وهو الذي أنزلها وَالْمِيزانَ أي: وهو الذي أنزل الميزان من أجل العدل والإنصاف، فكما هدى الإنسان للميزان ليقوم العدل والإنصاف في القضايا المادية، فقد أنزل الكتاب ليقوم العدل والإنصاف في الحياة البشرية كلها، ومن ثم فالعدل والإنصاف متلازمان مع هذا القرآن، فكلّ نظرية بشرية للعدل بمعزل عن هذا القرآن لا يمكن أن يتحقق فيها العدل؛ لأن بصر الإنسان محدود، ومن ثم فلا بد من تضخيم، أو نسيان، أو قصور، أو تقصير، أو غير ذلك مما يستحيل معه العدل في أي: نظرية بشرية للعدل وَما يُدْرِيكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>