للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ا-

وَمِنْ آياتِهِ الدالة على عظمته وقدرته العظيمة، وسلطانه القاهر خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مع عظمهما وَما بَثَّ فِيهِما أي: وما ذرأ وفرّق في السموات والأرض مِنْ دابَّةٍ قد يكون في ذلك إشارة إلى وجود حياة في كواكب أخرى غير الأرض، وقد يكون المراد غير ذلك كما سنرى في الفوائد وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ أي: على جمع دواب الأرض والسماء. فإن كان المراد في الآية الإشارة إلى دوابّ في كواكب أخرى، فالآية إذن تشير إلى إمكانية جمع بعضهم ببعض، والمحاولات في عصرنا قائمة لاستكشاف الفضاء. وإن لم يكن الأمر كذلك فالآية تتحدّث عن قدرته- عزّ وجل- على جمعهم يوم القيامة. قال ابن كثير: أي: يوم القيامة يجمع الأولين والآخرين وسائر الخلائق في صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر. فيحكم فيهم بحكمه العدل الحق.

وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ من غمّ أو ألم أو مكروه أو قحط أو فقر أو شدة أو سجن أو غير ذلك فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ أي: فبجناية كسبتموها عقوبة لكم. قال ابن كثير: أي: مهما أصابكم أيها الناس من المصائب فإنما هي عن سيئات تقدمت لكم وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ أي:

من السيئات، فلا يجازيكم عليها بل يعفو عنها

وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ أي:

بفائتين الله- عزّ وجل- وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ أي: متول بالرحمة وَلا نَصِيرٍ أي: ناصر يدفع عنكم العذاب إذا حلّ بكم.

نقل: [عن الألوسي حول قوله تعالى وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ .. ]

قال الألوسي: (وأخرج ابن المنذر وجماعة عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية وَما أَصابَكُمْ الخ، قال- عليه الصلاة والسلام-: «والذي نفسي بيده ما من خدش عود ولا اختلاج عرق ولا نكبة حجر ولا عثرة قدم إلا بذنب، وما يعفو الله- عزّ وجل- عنه أكثر» وأخرج ابن سعد عن أبي مليكة أن أسماء بنت أبي بكر الصديق- رضي الله

تعالى عنهما- كانت تصدع فتضع يدها على رأسها وتقول: بذنبي وما يغفره الله تعالى أكثر. ورؤي على كف شريح قرحة فقيل: بم هذا؟ فقال: بما كسبت يدي.

وسئل عمران بن حصين عن مرضه فقال: إن أحبه إليّ أحبه إلى الله تعالى وهذا بما كسبت يدي. والآية مخصوصة بأصحاب الذنوب من المسلمين وغيرهم فإن من لا ذنب له- كالأنبياء عليهم السلام- قد تصيبهم مصائب، ففي الحديث «أشد الناس بلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>