للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَظْهَرُونَ أي: عليها يصعدون فيعلون السطوح.

وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً أي: أغلاقا على أبوابهم وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ أي: جميع ذلك يكون من فضة

وَزُخْرُفاً أي وذهبا وزينة. والمعنى: ولولا أن يصبح الناس كلهم كفارا لجعلنا للكفار سقفا ومصاعد وأبوابا وسررا كلها من فضة، وجعلنا لهم زخرفا أي زينة من كل شئ. دلّ هذا على أنّ ممّا يفتن المسلم عن دينه رؤيته الكافرين في حالة اقتصادية أجود، وهذا هو الذي نراه في عصرنا؛ إذ فتن كثير من المسلمين عن الإسلام بسبب رؤيتهم مجتمعات كافرة في حالة اقتصادية جيدة، بل أصبحوا يدعون إلى هذه الأنظمة الكافرة ويتبعونها من أجل الوصول إلى ما هم عليه، وقد أخطئوا مرّتين: مرة إذ استبدلوا الحقّ بالباطل، ومرة لتصورهم أن تطبيق الإسلام لا يوصل إلى الرّفاه أو إلى التقدّم المدني. كيف والله عزّ وجلّ وعد المتقين بأن يفتح عليهم بركات من السماء والأرض، وفي كتابنا (الإسلام) بيان شاف لكل ما يتعلق بهذا الموضوع، ولنا في الفوائد عودة عليه. ثم قال تعالى بعد أن بيّن حقارة الدنيا عنده حتى ليعطيها الكافرين، لولا أن يفتتن المسلمون وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ أي: وما كلّ ذلك لَمَّا أي: إلا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا أي: إنّما ذلك من الدنيا الفانية الزائلة الحقيرة عند الله وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ أي: وثواب الآخرة عند الله لمن اتقى الله بفعل ما أمر واجتناب ما نهى. قال ابن كثير: أي وهي لهم خاصة لا يشاركهم فيها أحد.

نقول: [عن صاحب الظلال حول آية: وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ]

١ - بمناسبة قوله تعالى- حكاية عن قول الكافرين-: وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ قال صاحب الظلال: (والله أعلم حيث يجعل رسالته، وقد اختار لها من يعلم أنه لها أهل. ولعله- سبحانه- لم يشأ أن يجعل لهذه الرسالة سندا من خارج طبيعتها، ولا قوة من خارج حقيقتها، فاختار رجلا ميزته الكبرى .. الخلق .. وهو من طبيعة هذه الدعوة .. وسمته البارزة .. التجرد .. وهو من حقيقة هذه الدعوة .. ولم يختره زعيم قبيلة، ولا رئيس عشيرة، ولا صاحب جاه، ولا صاحب ثراء. كيلا تلتبس قيمة واحدة من قيم هذه الأرض بهذه الدعوة النازلة من السماء. ولكي لا تزدان هذه الدعوة بحلية من حلي هذه الأرض ليست من حقيقتها في شئ. ولكي لا يكون هناك مؤثر مصاحب لها خارج عن ذاتها المجردة. ولكي

<<  <  ج: ص:  >  >>