للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فائدة]

١ - فهم من هذه الآية حكمة فرض القتال، وسبب وجوب قتال الكافرين.

وذلك أنهم يصدون عن سبيل الله، ويكفرون به، ويفتنون المسلمين عن دينهم ويحرصون على تكفير المسلمين، واستئصال الإسلام؛ فمن ثم فرض الله علينا قتالهم.

٢ - احتج الشافعي رحمه الله بهذه الآية على أن الردة لا تحبط العمل حتى يموت عليها صاحبها. وقال الحنفية: إن الردة تحبط العمل مباشرة، لقوله تعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ. (سورة المائدة) وسبب الخلاف يرجع إلى خلاف أصولي فعند الشافعي: المطلق يحمل على المقيد. وعند الحنفية أن المطلق لا يحمل على المقيد. ويتفرع على الخلاف في الحبوط المباشر للعمل، أو عدمه ما يلي قال الشافعي:

(إن من ارتد ثم عاد إلى الإسلام لم يحبط عمله، ولا حجه الذي فرغ منه. بل إن مات على الردة، فحينئذ تحبط أعماله. وقال مالك: تحبط بنفس الردة. ويظهر الخلاف في المسلم إذا حج، ثم ارتد، ثم أسلم. فقال مالك: يلزمه الحج. لأن الأول قد حبط بالردة. وقال الشافعي: لا إعادة عليه. لأن عمله باق). ا. هـ من القرطبي.

وقال الحنفية: بمجرد الردة ينفسخ عقد نكاحه. وإذا عاد إلى الإسلام يلزمه عقد جديد على من كانت زوجته. وقال الشافعي: لا يلزمه عقد جديد إن عاد إلى الإسلام.

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ هؤلاء الذين اجتمعت لهم هذه الصفات الثلاثة أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

هذه هي القاعدة التي ختم الله بها هذه المجموعة. وهي تبين أن من اجتمع له الإيمان والهجرة- حيث تجب الهجرة- والجهاد في سبيل الله. فهذا الذي يستأهل رحمة الله، ويرجوها. وفي ذلك من الحض على الجهاد، ومن التخويف من تركه الكثير، وأكثر الناس عن هذه الآية غافلون. فهم يرجون رحمة الله- وهذا طيب- ولكن لا يفكرون في الجهاد ولا يهاجرون إذا وجبت الهجرة.

[سبب نزول الآية]

إن المحنة التي مرت بها السرية إذ بقوا فترة وهم في حيرة وقلق قبل نزول الآية السابقة من أن يكونوا قد أثموا، إذ قتلوا في الشهر الحرام- جعلتهم يتطلعون إلى غزوة أخرى

<<  <  ج: ص:  >  >>