للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ أي: في جنته، وإنما يستحق ذلك من آمن قلبه وعملت جوارحه الأعمال الصالحة، وهي الخالصة الموافقة للشرع ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ أي: البيّن الواضح

وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فيقال لهم: أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ في الدنيا فَاسْتَكْبَرْتُمْ عن الإيمان بها وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ أي: كافرين

وَإِذا قِيلَ لكم في الدنيا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ بالجزاء حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها أي: لا شك فيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ أي: ما ندري أي شئ هى الساعة أي: لا نعرفها إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا أي: إن نتوهم وقوعها إلا توهما مرجوحا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ أي: بمتحققين

وَبَدا لَهُمْ أي:

وظهر لهؤلاء الكفار سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا أي: قبائح أعمالهم، أو عقوبات أعمالهم السيئات وَحاقَ بِهِمْ أي: ونزل بهم ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ أي: من العذاب والنكال، أي: وأحاط بهم ما استهزءوا به من النكال والعذاب، أو ونزل بهم جزاء استهزائهم

وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا أي: نعاملكم معاملة الناسي لكم في نار جهنم، كما نسيتم لقاء يوم القيامة، فلم تعملوا له؛ لأنكم لم تصدقوا به. قال النسفي: أي: نترككم في العذاب كما تركتم عدّة لقاء يومكم، وهي الطاعة وَمَأْواكُمُ النَّارُ أي: ومنزلكم النار وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ ينصرونكم من بأس الله

ذلِكُمْ أي: العذاب بِأَنَّكُمُ أي: بسبب أنكم اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً أي: إنما جازيناكم هذا الجزاء لأنكم اتخذتم حجج الله عليكم سخريا، تسخرون وتستهزءون بها وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا أي: خدعتكم فاطمأننتم إليها فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها أي: من النار وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ أي: ولا يطلب منهم أن يعتبوا ربهم، أي: يرضوه. قال ابن كثير: أي: لا يطلب منهم العتبى، بل يعذبون بغير حساب ولا عتاب، كما تدخل طائفة من المؤمنين الجنة بغير عذاب ولا حساب.

كلمة في السياق: [حول الفارق بين الكافرين والمؤمنين في الآخرة]

بدأ المقطع كما رأينا بقوله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ وسار المقطع حتى استقر على بيان الفارق بين الكافرين والمؤمنين في الآخرة فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>