للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - [كلام صاحب الظلال حول آية ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها .. ]

وعند قوله تعالى: ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ قال صاحب الظلال: (وهكذا يتمحض الأمر. فإما شريعة الله.

وإما أهواء الذين لا يعلمون .. وليس هنالك من فرض ثالث، ولا طريق وسط بين الشريعة المستقيمة والأهواء المتقلبة؛ وما يترك أحد شريعة الله إلا ليحكّم الأهواء، فكل

ما عداها هوى يهفو إليه الذين لا يعلمون!

والله- سبحانه- يحذر رسوله صلّى الله عليه وسلم أن يتّبع أهواء الذين لا يعلمون، فهم لا يغنون عنه من الله شيئا. وهم يتولون بعضهم بعضا. وهم لا يملكون أن يضروه شيئا حين يتولى بعضهم بعضا، لأن الله هو مولاه إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ وإن هذه الآية مع التي قبلها لتعيّن سبيل صاحب الدعوة وتحدده، وتغني في هذا عن كل قول وعن كل تعليق أو تفصيل:

ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها، وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ* إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً، وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ، وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ..

إنها شريعة واحدة هي التي تستحق هذا الوصف، وما عداها أهواء منبعها الجهل.

وعلى صاحب الدعوة أن يتّبع الشريعة وحدها، ويدع الأهواء كلها. وعليه ألا ينحرف عن شئ من الشريعة إلى شئ من الأهواء. فأصحاب هذه الأهواء أعجز من أن يغنوا عنه من الله صاحب الشريعة. وهم إلب عليه فبعضهم ولي لبعض. وهم يتساندون فيما بينهم ضد صاحب الشريعة فلا يجوز أن يأمل في بعضهم نصرة له، أو جنوحا عن الهوى الذي يربط بينهم برباطه. ولكنهم أضعف من أن يؤذوه. والله ولي المتقين. وأين ولاية من ولاية؟ وأين ضعاف جهال مهازيل يتولى بعضهم بعضا؛ من صاحب شريعة يتولاه الله. ولي المتقين؟)

٤ - [كلام الألوسي حول آية أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ .. ]

وعند قوله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ قال الألوسي:

يستنبط منها تباين حالي المؤمن العاصي والمؤمن الطائع؛ ولهذا كان كثير من العباد يبكون عند تلاوتها حتى إنها تسمى مبكاة العابدين لذلك، فقد أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد. والطبراني، وجماعة عن أبي الضحى قال: قرأ تميم الداري سورة الجاثية فلما أتى على قوله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ الآية، لم يزل يكررها ويبكي حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>