للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ، قُلْ: هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ. فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ: روى الإمام أحمد عن أنس: أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوها في البيوت (أي لا يجتمعون بها أصلا) فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عزّ وجل: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ..

الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اصنعوا كل شئ إلا النكاح».

[المعنى الحرفي]

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ أي: عن الأحكام التي تترتب على الحيض.

وتعريف الحيض في كتب الحنفية: «دم يخرج من رحم آدمية تم لها من العمر تسع سنين فأكثر، ولا داء بها، ولا حبل، ولم تبلغ خمسا وخمسين سنة. وأقله ثلاثة أيام بلياليها، وأكثره عشرة أيام بلياليها. والناقص عن أقله، والزائد عن أكثره، أو على العادة، وجاوز أكثره: استحاضة». والجواب: قُلْ: هُوَ أَذىً أي: شئ يستقذر ويؤذي من يقرب صاحبته، ويؤذيها اقترابه. فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ أي: فاجتنبوا مجامعتهن وَلا تَقْرَبُوهُنَّ: مجامعين، أو ولا تقربوا مجامعتهن حَتَّى يَطْهُرْنَ: أي: حتى ينقطع الحيض وتغتسل، أو تتيمم من عذر.

قال ابن كثير: (وقد اتفق العلماء على أن المرأة إذا انقطع حيضها لا تحل حتى تغتسل بالماء، أو تتيمم إن تعذر ذلك عليها بشرطه إلا أن أبا حنيفة رحمه الله يقول: فيما إذا انقطع دمها لأكثر الحيض- وهو عشرة أيام عنده- إنها تحل بمجرد الانقطاع. ولا تفتقر إلى غسل) اه. ونضيف أنه عند الحنفية إذا انقطع لأقل من عشرة، لا يجوز وطؤها حتى تغتسل، أو يمضي عليها وقت صلاة بعد الطهر ولم تغتسل. فَإِذا تَطَهَّرْنَ: أي بالماء، أو بما ينوب منابه فَأْتُوهُنَّ: أي فجامعوهن. والأمر هنا للندب. وهو إرشاد إلى غشيانهن بعد الطهر. مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ. أي: في الفرج، ولا تعدوه إلى غيره. وفيه دلالة على تحريم الوطء في الدبر. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ أي: من الذنب، وإن تكرر غشيانه. فالتواب هو الذي يتوب مرة، فمرة، فمرة، كلما تكرر ذنب، أحدث له توبة. وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ المتنزهين عن الأقذار، والأذى، أو المتطهرين بالماء، أو المتنزهين من أدبار النساء. أو من الجماع في الحيض. أو من الفواحش، أو من هذا كله.

<<  <  ج: ص:  >  >>