للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبُّنَا اللَّهُ منهج كامل على هذا النحو. لا كلمة تلفظها الشفاة، ولا عقيدة سلبية بعيدة عن واقعيات الحياة.

ثُمَّ اسْتَقامُوا. وهذه أخرى. فالاستقامة والاطراد والثبات على هذا المنهج درجة بعد اتخاذ المنهج. استقامة النفس وطمأنينة القلب. استقامة المشاعر والخوالج، فلا تتأرجح ولا تضطرب ولا تشك ولا ترتاب بفعل الجواذب والدوافع والمؤثرات. وهي عنيفة ومتنوعة وكثيرة. واستقامة العمل والسلوك على المنهج المختار. وفي الطريق مزالق وأشواك ومعوقات، وفيه هواتف بالانحراف من هنا ومن هناك:

رَبُّنَا اللَّهُ. منهج .. والاستقامة عليه درجة بعد معرفته واختياره. والذين يقسم الله لهم المعرفة والاستقامة هم الصفوة المختارة. وهؤلاء فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. وفيم الخوف وفيم الحزن. والمنهج واصل. والاستقامة عليه ضمان الوصول؟).

[كلمة في السياق]

مر معنا أن من مواصفات القرآن لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ وقد جاء بعد هذه الآية آيتان. تبشران المؤمنين المستقيمين على أمر الله، فكأنهما يعطياننا نموذجا على ما في هذا القرآن من تبشير، ودلتانا في الوقت نفسه على أن أصل الإحسان هو الاعتراف لله بالربوبية، والاستقامة على أمره، فخدمتا في تبيان الإحسان، والآن تأتي آيتان هما نموذج على تبشير هذا القرآن لأهل الإحسان، وفيهما نموذج على أنواع من الإحسان يأمر الله بها، ويدعو إليها، وبذلك تستكمل ذكر السورة أمهات مسائل العبادة لله، التي توصّل إلى التقوى، من اعتراف لله بالربوبية، واستقامة على أمره، وإحسان إلى الوالدين، ودعاء لله عزّ وجل، وإعلان الإسلام، وغير ذلك من المعاني، ثم تأتي آيات هي نموذج على الإنذار، وعرض لمظاهر من الظلم الكافر وأسبابه.

فالسورة كما تربي على العبادة والتقوى، تطهّر من العصيان والفسوق، وتعمّق خلال ذلك موضوع الإيمان بالقرآن؛ لأنه الأساس.

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً أي: ووصيناه أن يحسن لوالديه إحسانا.

<<  <  ج: ص:  >  >>