للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجن لقول الله تعالى: إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ (الكهف:

٥٠) .. فأصله من أصل الجن. وأن هذا الخلق له خصائص غير خصائص البشر. منها خلقته من نار، ومنها أنه يرى الناس ولا يراه الناس، لقوله تعالى عن إبليس- وهو من الجن-: إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ (الأعراف: ٢٧) .. وأن له تجمعات معينة تشبه تجمعات البشر في قبائل وأجناس. للقول السابق: إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ .. وأن له قدرة على الحياة في هذا الكوكب الأرضي- لا ندري أين- لقوله تعالى: لآدم وإبليس معا: اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (البقرة: ٣٦) .. والجن الذين سخروا لسليمان عليه السلام كانوا يقومون له بأعمال في الأرض تقتضي أن يكونوا مزودين بالقدرة على الحياة فيها. وأن له قدرة كذلك على الحياة خارج هذا الكوكب لقول الله تعالى حكاية عن الجن: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً* وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ، فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (الجن: ٨ - ٩) .. وأنه يملك التأثير في إدراك البشر وهو مأذون في توجيه الضالين منهم- غير عباد الله- للنصوص السابقة، ولقوله تعالى في حكاية حوار

إبليس اللعين: قالَ: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (ص: ٨٣ - ٨٤) .. وغير هذا من النصوص المماثلة. ولكنا لا نعرف كيف يوسوس ويوجه وبأي أداة. وأنه يستطيع أن يسمع صوت الإنسان ويفهم لغته، بدلالة استماع نفر من الجن للقرآن وفهمه والتأثر به. وأنه قابل للهدى وللضلال بدلالة قول هذا النفر في سورة الجن: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ. فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً* وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (الآية: ١٤ - ١٥) .. وبدليل ذهابهم إلى قومهم منذرين يدعونهم إلى الإيمان، بعد ما وجدوه في نفوسهم، وعلموا أن قومهم لم يجدوه بعد.

٤ - [كلام ابن كثير حول قوله تعالى فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ]

بمناسبة قوله تعالى عن الجن: فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قال ابن كثير: (وقد استدل بهذه الآية على أنه في الجن نذر وليس فيهم رسل ولا شك أن الجن لم يبعث الله تعالى منهم رسولا لقوله تعالى وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى (يوسف: ١٠٩) وقال عزّ وجل وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ (الفرقان: ٢٠) وقال عن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ (الحديد:

٢٦) فكل نبي بعثه الله تعالى بعد إبراهيم فمن ذريته وسلالته فأما قوله تبارك وتعالى في

<<  <  ج: ص:  >  >>