للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمقدمة إذن ذكرت خصائص الفريقين، وذكرت فرضية القتال على المؤمنين، وإذ كان هذا القتال ينبغي أن يكون خالصا لوجه الله، وفي سبيله، فليقاتل المسلمون، وليطمئنوا إلى نصر الله، ومن ثم بدأ المقطع الأول بقوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ.

٢ - قلنا إنّ من امتدادات محور السورة في سورة البقرة قوله تعالى: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ.

لقد فسّرت آيات سورة القتال كثيرا من أوامر القتال في سورة البقرة فبينت أن الفتنة هي الصدّ عن سبيل الله، وبيّنت كيف ينبغي أن نقاتل، فعرّفتنا أن علينا أن نثخن أولا في الأرض. وإذا صح ربطنا بين سورة القتال وآيات القتال الأولى في سورة البقرة، فهذا يرجح التفسير الذي يفسّر قوله تعالى وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا بأنّ كلّ الكافرين مقاتلون وعلينا أن نقاتلهم، وأنّ الاعتداء في الآية لا يراد به البدء في القتال، وإنما يراد به تجاوز ما شرعه الله في القتال.

الفوائد [حول آيات المقدمة]:

١ - [كلام ابن كثير حول الآية (٤) وحديث عن الجهاد والأسارى]

بمناسبة قوله تعالى فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها قال ابن كثير: (والظاهر أن هذه الآية نزلت بعد وقعة بدر؛ فإن الله سبحانه وتعالى عاتب المؤمنين على الاستكثار من الأسارى يومئذ ليأخذوا منهم الفداء، والتقليل من القتل يومئذ فقال ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ* لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ثم قد ادعى بعض العلماء أن هذه الآية المخيّرة بين مفاداة الأسير والمنّ عليه منسوخة بقوله تعالى فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ الآية، رواه العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال قتادة والضحاك والسدي وابن جريج وآخرون وهم الأكثرون: ليست بمنسوخة، ثم قال بعضهم: إنما الإمام مخيّر بين المنّ على الأسير، ومفاداته فقط، ولا يجوز له قتله وقال آخرون منهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>