للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي: عن دينه ودعوته وَشَاقُّوا الرَّسُولَ أي: عادوه وعاندوه مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى أي: من بعد ما ظهر لهم أنه الحق وعرفوا الرسول صلّى الله عليه وسلم لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وإنما يضر من يفعل ذلك نفسه ويخسرها يوم معادها وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ أي: سيبطلها قال ابن كثير:

(فلا يثيبه على سالف ما تقدم من عمله الذي عقّبه بردته مثقال بعوضة من خير، بل يحبطه ويمحقه بالكلية، كما أن الحسنات يذهبن السيئات).

كلمة في السياق: [حول نوعي الكافرين ووجوب قتالهم هم والمرتدين]

- ظاهر من كلام ابن كثير أنه يعتبر الآية الأخيرة في المرتدين، وهذا واضح من مجئ الآية في سياق الكلام عن المرتدين، ومن قوله تعالى فيها مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى ومن ثم نفهم أنّ هناك نوعين من الكافرين: نوعا ذكرهم الله عزّ وجل في بداية المقطع وهم الكفار الأصليون: وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ، ونوعا ذكرهم الله عزّ وجل في نهاية المقطع وهم المرتدون: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ. ويلاحظ أن الأوّلين أضل أعمالهم، وأن الآخرين أحبط أعمالهم.

وفي قوله تعالى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً عن المرتدين وفي مجئ الكلام عنهم في سياق المقطع المبدوء بقوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ما يشير أن الله ناصر جنده على الكافرين والمرتدين بآن واحد.

- يلاحظ أن الله عزّ وجل تحدث عن المرتدين بما تحدث به عن الكافرين الأصليين في أول السورة، فأول آية في السورة قال الله عزّ وجل فيها: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ

سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ.

وهاهنا قال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ.

ومن ثم نفهم أنه كما تجب محاربة الكافرين الذين ذكروا في أول السورة والإثخان فيهم، كذلك يجب قتال المرتدين؛ بل هم أولى لأنهم الأقرب. وبهذا انتهى المقطع

<<  <  ج: ص:  >  >>