للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب والنساء، ضمن حدود المعروف، والمعروف هنا هو ما يحسن في الدين.

والمروءة من شرائط ذلك. ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ: لأن الموعظة تنجح فيهم فقط ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ أي: ترك العضل والضرار أفضل، وأطيب، وأزكى لأنفسكم، وأطهر لها من أدناس الآثام.

وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. ومن ثم فهو الذي يحكم، ويأمر، وينهى، ويشرع. وليس لكم شئ من ذلك فما أجهل من نازع الله حق التشريع، وحق الأمر والنهي، وحق الحكم.

[فوائد]

١ - استشهد كل من الشافعية والحنفية بهذه الآية على مذهبيهما المتعارضين في موضوع جواز تزويج البالغة نفسها بدون ولي، كما هو مذهب الحنفية. أو عدم جواز ذلك إلا بولي كما هو مذهب الشافعية. استشهد الحنفية بقوله تعالى: أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ. فقالوا: أسند النكاح إليها. فدل على انعقاد النكاح بعبارة النساء. وقال الشافعية: نزلت هذه الآية في الرجل، يطلق امرأته طلقة، أو طلقتين. فتنقضي عدتها، ثم يبدو له أن يتزوجها، وأن يراجعها. وتريد المرأة ذلك. فيمنعها أولياؤها من ذلك.

فنهى الله أن يمنعوها. فدل ذلك عندهم على أن المرأة لا تملك أن تزوج نفسها. وأنه لا بد في النكاح من ولي. وفي الحديث: «لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها. فإن الزانية هي التي تزوج نفسها» وفي الأثر الآخر: «لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل». وبسط هذا الموضوع في الجزء الثاني من هذا الكتاب (الأساس في السنة وفقهها).

٢ - نزلت هذه الآية في معقل بن يسار المزني وأخته. وذلك أنه زوج أخته رجلا من المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت عنده ما كانت. ثم طلقها تطليقة، لم يراجعها حتى انقضت عدتها. فهويها، وهويته. ثم خطبها مع الخطاب. فقال له: يا لكع ابن لكع. أكرمتك بها، وزوجتكها فطلقتها. والله لا ترجع إليك أبدا آخر ما عليك. قال: فعلم الله حاجته إليها، وحاجتها إلى بعلها، فأنزل الله: وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ إلى قوله وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. فلما سمعها معقل قال: سمعا لربي وطاعة. ثم دعاه فقال: «أزوجك، وأكرمك». رواه الترمذي، وصححه.

وزاد ابن مردويه: وكفرت عن يميني.

<<  <  ج: ص:  >  >>