للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كلمة في هذه الفقرة]

تبدأ الفقرة بمجموعة لها صلة بالإنفاق والقتال. وهكذا نجد أن كل الأحكام التي مرت معنا في هذا المقطع آتية بين كلامين عن الإنفاق والقتال. فبدون ذلك لا تقوم أحكام الإسلام، ولا يكون دخول في الإسلام كله. ثم تأتي مجموعة أخرى، تعرض علينا صفحة من صفحات العبرة في تاريخ بني إسرائيل، وهي كذلك في موضوع القتال، وشروط إقامته. إنه حتى يقاتل شعب فإن نقطة البداية في ذلك هو وجود القيادة المتوافرة فيها الشروط المناسبة. إن المجموعة الثانية في هذه الفقرة فيها حديث عن ذلك، وعن غيره. وتأتي الآية الأخيرة وفيها كلام عن القتال. وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ. وبهذا ينتهي المقطع، وتنتهي هذه الفقرة. فقد بدأ المقطع بعد المقدمة، والتمهيد بالقتال. وانتهى بالقتال. وإن دروس هذه الفقرة لأمتنا في هذه المرحلة لكثيرة. إذ ضعفت عند هذه الأمة إرادة القتال في سبيل الله. وفقدت القيادة الرشيدة التي تقودها في طريق القتال. وإن دروس هذه الفقرة في كل زمان ومكان لكثيرة. فلنأخذ ما استطعنا من دروس ذلك كله.

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ* وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

[المعنى العام]

في الآية الأولى يقص الله علينا قصة تجري مجرى المثل في التعجب. وفي القصة عبرة ودليل على أنه لن يغني حذر من قدر. وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه. فإن هؤلاء خرجوا فرارا من الموت، وطلبا لطول الحياة. فعوملوا بنقيض قصدهم. وجاءهم الموت سريعا في آن واحد. ثم أحياهم بعد موتهم. وكان في إحيائهم عبرة، ودليل قاطع على وقوع المعاد الجسماني يوم القيامة ودليل على أن الموت والحياة بيد الله. وعقب الله على القصة بتذكير الناس بفضله عليهم فيما يريهم من الآيات الباهرات، والحجج القاطعة، والدلالات الدامغات. ثم بين أنه مع هذا كله، فإن أكثر الناس لا يقومون بشكر ما

<<  <  ج: ص:  >  >>