للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلم. وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ الخير هنا: المال. أي: وما تنفقوا من مال فهو لأنفسكم. لا ينتفع به غيركم. فلا تلاحظوا إلا الله في إنفاقكم. ولا تروا لأنفسكم على الناس فضلا بإنفاقكم عليهم. وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ أي:

وليست نفقتكم إلا من أجل رضوان الله، وطلب ما عنده. فإذا كان الأمر كذلك، فأعطوه حقه من هضم نفس، وعدم من أو أذى. وقال بعض المفسرين: هذا نفي، معناه النهي وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ وما تنفقوا من مال يوفكم الله ثوابه أضعافا مضاعفة، دون أن تنقصوا منه شيئا فلا عذر لكم أن ترغبوا عن الإنفاق، ولا عذر لكم ألا يكون على أحسن الوجوه، وأجملها.

[فائدة]

قال عطاء الخراساني: إذا أعطيت لوجه الله، فلا عليك ما كان عمله. ويؤيد هذا، ما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال رجل لأتصدقن الليلة بصدقة. فخرج بصدقته، فوضعها في يد زانية. فأصبح الناس يتحدثون:

تصدق على زانية. فقال: اللهم لك الحمد، على زانية؟ لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني. فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على غني. قال:

اللهم لك الحمد، على غني؟ لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق. فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على سارق. فقال: اللهم لك الحمد على زانية، وعلى غني، وعلى سارق، فأتي فقيل له: إن صدقتك قد قبلت. وأما الزانية، فلعلها أن تستعفف بها عن زناها، ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله، ولعل السارق أن يستعف بها عن سرقته».

ولكن لا ينبغي أن يغيب عنا، أنه لئن رخص الله لنا أن ننفق على كل خلق الله، فلقد ندبنا أن نخص بها الأقرب، والأتقى، والأورع. مر معنا مثل هذا من قبل. وفي الآية التالية بيان.

لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ ... أي: هذه الصدقات، الأولى أن تدفعوها للفقراء الذين اتصفوا بالصفات التالية: الإحصار في سبيل الله، والعجز عن الكسب، والتعفف،

<<  <  ج: ص:  >  >>