للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسيما الدالة، وعدم الإلحاح في المسألة. فإذا اجتمعت هذه الصفات، فأصحابها أولى الناس بالصدقات. فإذا اجتمعت أربع صفات منها، يكون أصحابها في الدرجة الثانية. فثلاثة، فدرجة ثالثة. فاثنتان، فدرجة رابعة. فواحدة مع الفقر، فصاحبها أولى. ثم الفقراء فيما بعد. فإذا اتضح هذا، فلنشرح الآية:

لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي: الذين أحصرهم الجهاد، فمنعهم من التصرف. لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ. أي: لا يستطيعون سفرا للتسبب في طلب المعاش. والضرب في الأرض: هو السفر. وسبب احتباسهم، إما انقطاع للعلم، أو عدم حيلة، أو تفرغ لأمر من أمور المسلمين. يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ أي: يحسبهم الجاهل بحالهم، مستغنين من أجل تعففهم عن المسألة.

تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ. أي: بصفاتهم التي تدل على حالهم، من صفرة الوجوه، ورثاثة الحال. لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً أي: إلحاحا. والإلحاح: هو لزوم المسئول وعدم مفارقته إلا بشيء يعطاه. قيل في تفسير هذه الصفة: إنهم لا يسألون أصلا. وقيل إنهم إن سألوا، سألوا بتلطف. وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ أي: وما تنفقوا من مال، فإن الله يعلمه، ولا يضيع عنده.

[فوائد]

١ - قلنا من اجتمعت له هذه الصفات، فهو أولى الناس بالصدقات. ثم الأقل فالأقل. ولذلك نلاحظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لفت النظر إلى من اتصف ببعض هذه الصفات، كي نخصه. ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس المسكين بهذا الطواف الذي ترده التمرة، والتمرتان، واللقمة، واللقمتان، والأكلة، والأكلتان. ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس شيئا».

٢ - وهناك مظهر من مظاهر الإلحاف، لا يعتبر من باب الإلحاف اللغوي ولكنه إلحاف شرعي. وذلك أن الإلحاح أثر من آثار الطمع. ولذلك أدخل الشارع في باب الإلحاف ما كان أثرا عن الطمع. وذلك أن يسأل الإنسان، وله ما يملك. ومما ورد في

<<  <  ج: ص:  >  >>