للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحب للبشرية أن تستمتع بما فيه من رحمة .. في مقابل ذلك النظام الآخر الذي يقوم على الأساس الربوي الشرير القاسي اللئيم.

إنهما نظامان متقابلان: النظام الإسلامي. والنظام الربوي! وهما لا يلتقيان في تصور! ولا يتفقان في أساس؛ ولا يتوافقان في نتيجة .. إن كلا منهما يقوم على تصور للحياة والأهداف والغايات يناقض الآخر تمام المناقضة. وينتهي إلى ثمرة في حياة الناس تختلف عن الأخرى كل الاختلاف .. ومن ثم كانت هذه الحملة المفزعة، وكان هذا التهديد الرعيب!.

إن الإسلام يقيم نظامه الاقتصادي- ونظام الحياة كلها- على تصور معين يمثل الحق الواقع في هذا الوجود. يقيمه على أساس أن الله سبحانه هو خالق هذا الكون. فهو خالق هذه الأرض وهو خالق هذا الإنسان .. هو الذي وهب كل موجود وجوده ..

وأن الله- سبحانه- وهو مالك كل موجود- بما أنه هو موجده- قد استخلف الجنس الإنساني في هذه الأرض؛ ومكنه مما ادخر له فيها من أرزاق وأقوات ومن قوى وطاقات، على عهد منه وشرط. ولم يترك له هذا الملك العريض فوضى، يصنع فيه ما يشاء كيف شاء. وإنما استخلفه فيه في إطار من الحدود الواضحة.

استخلفه فيه على شرط أن يقوم في الخلافة وفق منهج الله، وحسب شريعته، فما وقع منه من عقود، وأعمال، ومعاملات، وأخلاق، وعبادات، وفق التعاقد فهو صحيح نافذ، وما وقع منه مخالفا لشروط التعاقد فهو باطل. فإذا أنفذه قوة وقسرا فهو إذن ظلم واعتداء لا يقره الله ولا يقره المؤمنون بالله. فالحاكمية في الأرض- كما هي في الكون كله- لله وحده. والناس- حاكمهم ومحكومهم- إنما يستمدون سلطاتهم من تنفيذهم لشريعة الله ومنهجه، وليس لهم- في جملتهم- أن يخرجوا عنها، لأنهم إنما هم وكلاء مستخلفون في الأرض بشرط وعهد، وليسوا ملاكا خالقين لما في أيديهم من أرزاق.

من بين بنود هذا العهد أن يقوم التكافل بين المؤمنين بالله، فيكون بعضهم أولياء بعض، وأن ينتفعوا برزق الله الذي أعطاهم على أساس هذا التكافل- لا على قاعدة

<<  <  ج: ص:  >  >>