للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الألوسي عن سورة البلد: (وهي عشرون آية بلا خلاف. ولما ذم سبحانه فيما قبلها من أحب المال وأكل التراث أكلا لما، ولم يحض على طعام المسكين، ذكر جل وعلا فيها الخصال التي تطلب من صاحب المال من فك الرقبة، وإطعام في يوم ذي مسغبة، وكذا لما ذكر عزّ وجل النفس المطمئنة هناك، ذكر سبحانه هاهنا بعض ما يحصل به الاطمئنان).

وقال صاحب الظلال: (تضم هذه الصورة الصغيرة جناحيها على حشد من الحقائق الأساسية في حياة الكائن الإنساني ذات الإيحاءات الدافعة واللمسات الموحية. حشد يصعب أن يجتمع في هذا الحيز الصغير في غير القرآن الكريم، وأسلوبه الفريد في التوقيع على أوتار القلب البشري بمثل هذه اللمسات السريعة العميقة).

[كلمة في سورة البلد ومحورها]

تبدأ سورة البلد بقسم وهذا يحدد أنها تفصل في مقدمة سورة البقرة، ومن ثم نجدها تتحدث عن دعوى الإنفاق، وتعالجها، وتدعو إلى الإيمان والتواصي بالصبر والتواصي بالمرحمة، كما تتحدث عن الكافرين، وهي معان لها صلة بمقدمة سورة البقرة.

والملاحظ أن بين سورتي. الفجر والبلد تكاملا فسورة الفجر تقول: كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ* وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ وسورة البلد تقول: يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا

لُبَداً ...

وتقول: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ* وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ* فَكُّ رَقَبَةٍ* أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ* أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ...

فسورة الفجر تنكر على من لا يفعل، وسورة البلد تدعو إلى العمل. وكما ختمت سورة الفجر بالكلام عن الكافرين والمؤمنين يوم القيامة، فكذلك ختمت سورة البلد:

أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ.

فالسورتان تتكاملان مع بعضهما، وسنرى أنهما تتكاملان مع مجموعتهما، ولنبدأ عرض السورة، وسنعرضها عرضا واحدا متحدثين خلال العرض عن السياق العام والخاص للسورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>