للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في التعاقد. أي ولادة المال للمال بسبب المدة ليس إلا ..

وأما النوع الثاني، فمما لا شك فيه أن هناك فروقا أساسية في الشيئين المتماثلين هي التي تقتضي الزيادة. وذلك واضح في حادثة بلال حين أعطى صاعين من تمره الردئ وأخذ صاعا من التمر الجيد .. ولكن لأن تماثل النوعين في الجنس يخلق شبهة أن هناك عملية ربوية إذ يلد التمر التمر، فقد وصفه صلى الله عليه وسلم بالربا، ونهى عنه. وأمر ببيع الصنف المراد استبداله بالنقد. ثم شراء الصنف المطلوب بالنقد أيضا. إبعادا لشبح الربا من العملية تماما! ..

وكذلك شرط القبض: «يدا بيد» .. كيلا يكون التأجيل في بيع المثل بالمثل، ولو من غير زيادة، فيه شبح من الربا، وعنصر من عناصره!

إلى هذا بلغت حساسية الرسول صلى الله عليه وسلم بشبح الربا في أية عملية. وبلغت حكمته في علاج عقلية الربا التي كانت سائدة في الجاهلية. فأما اليوم فيريد بعض المهزومين أمام التصورات الرأسمالية الغربية والنظم الرأسمالية الغربية أن يقصروا التحريم على صورة واحدة من صور الربا- ربا النسيئة- بالاستناد إلى حديث أسامة رضي الله عنه، وإلى وصف السلف للعمليات الربوية في الجاهلية وأن يحلوا- دينيا- وباسم الإسلام! - الصور الأخرى المستحدثة التي لا تنطبق في حرفية منها على ربا الجاهلية!

ولكن هذه المحاولة لا تزيد على أن تكون ظاهرة من ظواهر الهزيمة الروحية والعقلية ..

فالإسلام ليس نظام شكليات. إنما هو نظام يقوم على تصور أصيل. فهو حين حرم الربا لم يكن يحرم صورة منه دون صورة. إنما كان يناهض تصورا يخالف تصوره، ويحارب عقلية لا تتمشى مع (أحكامه). وكان شديد الحساسية في هذا إلى حد تحريم ربا الفضل إبعادا لشبح العقلية الربوية والمشاعر الربوية من بعيد جدا.

ومن ثم فإن كل عملية ربوية حرام. سواء جاءت في الصور التي عرفتها الجاهلية أم استحدثت لها أشكال جديدة. ما دامت تتضمن العناصر الأساسية للعملية الربوية، أو تتسم بسمة العقلية الربوية .. وهي عقلية الأثرة والجشع والفردية والمقامرة. وما دام يتلبس بها ذلك الشعور الخبيث. شعور الحصول على الربح بأية وسيلة!

(٢)

وبمناسبة قوله تعالى فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ يقول

<<  <  ج: ص:  >  >>