للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - رأينا أن من حال الراسخين في العلم، أنهم يدعون الله ألا يزيغ قلوبهم، وقد كان رسولنا عليه السلام يكثر في دعائه من مثل ذلك. روت أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك». وفي رواية عنها: كان يكثر من دعائه: «اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك». قالت:

قلت: يا رسول الله وإن القلب ليتقلب! قال: نعم: ما خلق الله من بني آدم من بشر إلا أن قلبه بين إصبعين من أصابع الله- عزّ وجل- فإن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه». وروي نفس المعنى عن عائشة. وأصل الحديث في الصحيحين. وروى النسائي وابن حبان عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ في الليل قال: «لا إله إلا أنت، سبحانك، أستغفرك لذنبي، وأسألك رحمتك، اللهم زدني علما، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة؛ إنك أنت الوهاب». هذا لفظ ابن مردويه.

٦ - روى عبد الرزاق عن أبي عبد الله الصنابحي أنه صلى وراء أبي بكر الصديق رضي الله عنه المغرب؛ فقرأ أبو بكر في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورتين من قصار المفصل وقرأ في الركعة الثالثة: قال: فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد تمس ثيابه فسمعته يقرأ بأم القرآن وهذه الآية رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.

٧ - ولا نجد أبلغ من الناحية العملية في معرفة الآيات المحكمات والآيات المتشابهات من الواقع الذي حدث خلال التاريخ، فما من فرقة ضالة من فرق الأمة الإسلامية إلا وتمسكت بنصوص فهمتها فهما خاطئا، وأولتها تأويلا فاسدا، ومن ثم فإننا نستطيع أن نقول: إن ما تمسكت به هذه الفرق كله من هذا الباب- باب الآيات المتشابهات- ثم إن هناك كثيرا من الدوائر الكافرة أرادت من خلال بعض النصوص أن تثبت اتجاهها الفاسد، في الوقت الذي تحارب الإسلام وتريد تكفير أهله، ولكنها تستر أمرها باعتماد نصوص وإخراجها عن معناها الصحيح وإهمال المحكم!!. فكذلك أمثال هذه النصوص يمكن اعتبارها من المتشابه.

٨ - نستطيع الآن من خلال الآيات الثلاث التي بدأت بالكلام عن المتشابه أن نحدد صفات الفرقة الناجية والفرق الضالة:

أما الفرقة الناجية فهي تتبع المحكم وتعمل به، وتؤمن بالمتشابه وتسلم لله فيه مع حملها له على المحكم، وفهمها له بما لا يتعارض مع المحكم، مع وجود مواصفات الربانية

<<  <  ج: ص:  >  >>