للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احزموا أمركم وهلموا. نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ أي نتباهل بأن نقول: بهلة الله على الكاذب منا ومنكم. والبهلة: اللعنة، وأصل الابتهال هذا، ثم استعمل في كل دعاء يجتهد فيه، وقد فسرت المباهلة في الآية:

فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ. أي: في شأن عيسى منا ومنكم.

قال النسفي: وإنما ضم الأبناء والنساء وإن كانت المباهلة مختصة به وبمن يكاذبه، لأن ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه، حيث استجرأ على تعريض أعزته، وأفلاذ كبده لذلك، ولم يقتصر على تعريض نفسه له، وعلى ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع أحبته وأعزته إن تمت المباهلة. وخص الأبناء والنساء.

لأنهم أعز الأهل، وألصقهم بالقلوب. وقدمهم في الذكر على الأنفس، لينبه على قرب مكانهم، ومنزلتهم. وفيه دليل واضح على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يرو عن أحد من موافق أو مخالف، أنهم أجابوا لذلك.

إِنَّ هذا أي الذي قص عليك من نبأ عيسى لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ الذي لا مرية فيه. وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ هذا التعبير يفيد الاستغراق في نفي الإلهية عمن سوى الله، وهو رد على النصارى في تثليثهم.

وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ في الانتقام، الْحَكِيمُ في تدبير شئون الأنام، وإنزال الأحكام.

فَإِنْ تَوَلَّوْا أي: فإن أعرضوا عن هذا، إلى غيره ولم يقبلوه. فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ. هذا وصف لهم بالإفساد في الأرض، وتهديد لهم، ووعيد.

وأي إفساد أعظم من نسبة الولد إلى الله!! والدعوة إلى ذلك؟! وأي ذنب أفظع؟ إلا ذنب إنكار وجود الله أصلا.

[فائدة]

ذكر ابن إسحاق أن سورة آل عمران إلى بضع وثمانين منها، نزل بمناسبة مجئ وفد نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومناقشته في شأن عيسى. وذكر القصة كلها، وفيها عرض المباهلة عليهم، ورفضهم لها، وقبولهم بالجزية، وإرسال أبي عبيدة بن الجراح معهم ليحكم بينهم بناء على طلبهم رجلا أمينا من هذه الأمة. وننقل هنا مجموعة روايات لها علاقة في بعض جوانب هذا الموضوع وقد مر معنا من قبل شئ له صلة بذلك:

أ- روى البخاري عن حذيفة رضي الله عنه قال: جاء العاقب والسيد صاحبا

<<  <  ج: ص:  >  >>