للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وفي معرض الحوار مع بني إسرائيل في سورة البقرة يأتي قوله تعالى:

قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ .. لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ. وهاهنا يرد النص نفسه تقريبا: قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا ... وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ. لاحظ صلة هاتين الآيتين بشكل مباشر بقوله تعالى في مقدمة سورة البقرة:

وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ. وفي سورة البقرة جاء قوله تعالى: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. وهاهنا نجد قوله تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ.

ورأينا في الحوار الطويل مع بني إسرائيل في سورة البقرة إقامة الحجة عليهم بالنسخ، وهاهنا يذكر الله- عزّ وجل- لنا نموذجا على نسخ وقع عندهم:

كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ .... ورأينا في الحوار الطويل مع بني إسرائيل مناقشتهم لقضية القبلة والتوجه في الصلاة إلى كعبة إبراهيم، وهاهنا يأتي كلام عن البيت، وفرضية حجه.

إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ وقبل هذه الآية مباشرة يأتي قوله تعالى:

قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً.

وفي سورة البقرة: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ.

قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً.

ونلاحظ أن الحوار مع بني إسرائيل في سورة البقرة كان منصبا في جملة مع اليهود، وهاهنا ينصب الحوار في جملته مع النصارى، حتى إنه يذكر في أسباب النزول، أن قسما كبيرا من هذه الآيات إن لم يكن كلها نزل بسبب الحوار مع وفد نجران النصراني.

فالقسم تفصيل لمحوره في سورة البقرة، ولامتدادات هذا المحور في سورة البقرة نفسها.

لقد جاء في مقدمة سورة البقرة: الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>