للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام؟! ومن عرف الجهد الذي بذلته وتبذله في زماننا- الدول والمؤسسات الكافرة للحيلولة دون هذا الإسلام، وانتشاره، وتطبيقه، وانتصار دعاته. عرف مقدار صد أهل الكتاب عن سبيل الله، وأخذ صورة عن الصد الذي أنكره الله عليهم مَنْ آمَنَ أي: لم تصدون عن سبيل الله المؤمنين باستعمالكم كل طرق الصد، مما رأينا نماذجه في هذا القسم. ومما نرى نماذجه في عصرنا من تخطيط، وإغراء، وتعذيب بأيديهم، وأيدي أذنابهم. تَبْغُونَها عِوَجاً أي: تريدونها معوجة، وليس أبلغ في التعريف على إرادتهم من هذا التعبير. ولا يفسر هذا التعبير شئ كما يفسره الواقع في عصرنا، إذ يخطط اليهود والنصارى من أجل حصر الإسلام في إطار الروحانيات، والعبادات، إذا لم يستطيعوا إنهاءه من قلوب أبنائه بالكلية. ويبذلون الغالي والرخيص، من أجل أن يحولوا دون قيام الإسلام كاملا، فهم يريدون سبيل الله معوجة، غير مستقيمة منحرفة، فيها إسلام وفيها جاهلية. وَأَنْتُمْ شُهَداءُ أي:

والحال أنكم شهداء على أن محمدا رسول الله، بما تعرفونه في التوراة والإنجيل من صفته، والحال أنكم شهداء على أن دين محمد صلى الله عليه وسلم هو سبيل الله، فالمفروض أن تؤدوا الشهادة القولية والفعلية لسبيل الله، فكيف تستبدلون هذا بالصد عن سبيل الله، وترغبون بالطرق المعوجة! وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ. من الصد عن سبيله لتحقيق رغباتكم الفاسدة وهذا وعيد شديد لهم.

وبهذا ينتهي هذا القسم من سورة آل عمران.

[كلمة فى السياق]

قلنا: إن القسم الأول والثاني جاءا تمهيدا للقسم الثالث، فلنلاحظ بعض ما يدل على ذلك:

في القسم الأول: جاء قوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ. وجاء قوله تعالى وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا. وفي هذا القسم جاء أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً. وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ.

وفي القسم الثاني: جاءت قصة عيسى، وفيها إشارة إلى الغلو فيه، وفي هذا القسم

<<  <  ج: ص:  >  >>