للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء قوله تعالى: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ ... وجاء قوله تعالى ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ ....

وكما أن المعاني تسلسلت في الأقسام الثلاثة، وترابطت. فإن لكل قسم صلاته، وترابطه فيما بينه.

وسنرى كيف أن القسمين الأخيرين في سورة آل عمران مبنيان على الأقسام السابقة، حتى لتكاد أن تكون الأقسام الثلاثة الأولى تمهيدا للقسمين الأخيرين.

تحدث القسم الأول فيما تحدث فيه عن: إنزال الكتب، والموقف الصحيح من القرآن، وعن كفر الكافرين بالكتاب، وعن مظهر من مظاهر انحراف أهل الكتاب، وعن تزيين شهوات الدنيا، وما أعده الله للمتقين في الآخرة، ومن هم أهل ذلك، ثم أخبرنا الله عزّ وجل أن الدين عنده هو الإسلام، وعلمنا كيف ينبغي أن نقف من غير المسلمين وعرفنا، على ما أعده للكافرين من عذاب، ودلنا على بعض ما يقتضيه أننا مسلمون.

وفي القسم الثاني: ذكر الله- عزّ وجل- لنا نماذج على اصطفائه، ودلنا على غلو من غلا في بعض أهل الاصطفاء؛ بإعطاء أهله ما لم يأذن به الله.

ثم جاء القسم الثالث: وفيه دعوة لأهل الكتاب إلى محض العبودية لله وتوحيده، وعدم الشرك به، ومناقشة مواقفهم وأقوالهم، وبناء على هذه الأقسام كلها يأتي القسم الرابع، والقسم الخامس، وكل منهما يبدأ بالتحذير من الطاعة للكافرين، الأول يبدأ بالتحذير من طاعة أهل الكتاب، والثاني يبدأ بالتحذير من طاعة الكافرين مطلقا.

كنا ذكرنا أن سورة آل عمران تفصل في مقدمة سورة البقرة، أي: في العشرين آية الأولى منها، وإذ كانت سورة البقرة في كثير من آياتها تلقي أضواء على مقدمتها، فإن كثيرا من آيات سورة آل عمران تكاد تكون تفصيلا لآيات مشابهة في سورة البقرة. وقد أشرنا إلى ذلك من قبل، وهاهنا نحب أن نقدم زيادة بيان:

في المقطع الثاني من القسم الثالث من سورة البقرة. نرى آية الكرسي اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ. مَنْ ذَا الَّذِي .... ونرى قوله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>